د. محمد بن عويض الفايدي
الإرادة الدولية في ظاهرها تتحد وتتوحد ضد سلوك المنظمات الإرهابية؛ لاستشعارها حجم التهديد وجسامة المخاطر التي ما لبثت أن اتسعت لتشمل استهداف الإِنسان في كل زمان ومكان.
منطقة الظل حاضنة الإرهاب التي يلتبس فيه الفكر السوي مع الانحراف والتطرف وتتجاذب فيها سلوكيات خفية وممارسات شاذة على خطوط تماس بين مقاصد الإسلام الحق ومنزلقات التطرف والانحراف الفكري الخارج عن قواعد الدين ومرتكزات العقيدة.
الزاوية المظلمة بين حقيقة الدين الإسلامي وزيف التعصب والرهبنة هي محطة المتربصين بالإسلام والمسلمين ضمن دائرة تضيق وتتسع بحسب ما يبذل من جهود تتصل بالحصانة الفكرية والأمن الفكري، وما يتخذ من إجراءات، وما يُعد من خطط واستراتيجيات، مع ضمانات إجرائية تتصل بدقة التنفيذ، ومهارة الممارسة، ومهنية المعالجة، وسيادة التقنية المتقدمة في أساليب المواجهة، وأدوات التصدي، ووسائل الوقاية، وما يُبذل من جهود تُعنى بتطوير القوانين والأنظمة واللوائح، وما يتم من سرعة التنفيذ بقوة وحزم بما في ذلك تنفيذ العقوبة الرامية للردع والإصلاح.
تعاظم المخاطر الإرهابية وتهديد المجتمعات بجريمة الإرهاب الأشر له بُعده الفكري والعقدي والسلوكي المتشبع بالتشدد والتطرف ومجانبة الوسطية والإقصاء وأحادية الرأي ومعادة الآخر.
يتم استهدف المسلم في أسهل نقاط تجمعه في دار أمان عبادته المساجد التي لا يجرؤ على المساس بها الكافر والملحد والفاسق، في حين تتخطى التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها «تنظيم داعش» كل القيم والأعراف لتنتهك حرمات المساجد وتستبيح دماء المسلمين في لباس الإرهاب الأشر الذي يظهر الوجه القبيح لهذه التنظيمات المقرضة.
التهديد المجترئ على حرمات الإِنسانية عامة، ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة، في ظاهره وباطنه العداوة المقيتة والظلم الجائر للإِنسان تحت ستار التأسلم والتطرف بقتل الأنفس المعصومة دون مقدمات، وتقويض معطيات التنمية واقتصاديات الدول، وتدمير حضارة وثقافة ومنجزات المجتمعات.
تبني الخطاب الديني بصفة عامة لأسلوب التنميط لعقدة الشعور بالذنب ببث الشعور بالتقصير في الوفاء بالوجبات الدينية، وإشاعة عدم الالتزام بآداب الشريعة في النفوس. وأهمية التكفير عن ذلك بالإيحاء للقيام بممارسات ظاهرها التكفير عن الذنوب وباطنها التكفير والقتل والإرهاب، والذي يتعاظم عند فئة الشباب بشكل أكبر لما قد يقع في نفوسهم من تجاوز لشيء من ضوابط الشريعة الإسلامية، وميولهم إلى التهاون تجاه الوفاء ببعض التكاليف الدينية أو الوقوع في شيء من الذنوب والمعاصي، والذي بدوره يثير اضطراب في السلوك وارتداد في التوجهات، وقد تكون تلك الأرضية البوابة الرئيسة للولوج إلى فكر الشباب، ومحك الاستقطاب، وميدان التجنيد من قبل التنظيمات الإرهابية المقرضة.
استدعاء البعد التاريخي بالدور الفعال لرموز وشخصيات في العمل الإسلامي، والإنجازات الإسلامية، والفتوحات والانتصار للحق في مشاهد قد لا يعرف سياقها التاريخي الحقيقي ومعطياتها العقدية والفكرية والاجتماعية والسلوكية في وقت وقوعها، ومع هذا يُستجلب ذلك الماضي البعيد للتأثير على فئة الشباب وأدلجة أفكارهم بأنهم سلالة الفاتحين وأبناء المنتصرين للحق المقتصين للمظلوم من الظالم، ومن ثم استدراجهم إلى محاضن التنظيمات الإرهابية، وضمهم لبرامج التهيئة والإعداد النفسي والسلوكي، وبعد ذلك تسخيرهم للتنفيذ والقتل والتفجير في مشاهد مروعة لا تصدقها العقول البشرية السوية ولا تقرها الأديان والشرائع والفطر الإِنسانية.
السلوك الخافت والطريق الخفي الذي يتبناه الإرهابيون مجاله الواسع طمس الفكر السوي وتغيير المفاهيم والإحلال المؤدلج لاتجاهات ومفاهيم التنظيمات المقرضة الخارجة عن مبادئ وقيم المجتمعات.
ممارسات عناصر التنظيمات الإرهابية الإجرامية السريعة تتسابق في الاستقطاب والتهيئة الفكرية السريعة، مع المسؤولية التي تقع على المؤسسة الدينية والمعنيين بالعلم الشرعي بداية في إطار الجهد المؤسسي في المرافق والهيئات والمجامع الفقهية، وبالتالي يسبق التنفيذ والتفجير الإصلاح والتوجيه، وعلى المؤسسة الدينية الإفصاح عن دورها والإعلان عن استراتيجيتها.
الجريمة الإرهابية أضحت مهنة تُمارس بأساليب إدارة الأعمال ضمن هيكلة الشركات والمؤسسات التجارية في إطار مؤسسي خارج عن القوانين لها مصادر تمويل ووسائل تجنيد واستقطاب عناصر، وأدوات وبرامج تدريبية، وسبل تجميع وتمرير معلوماتية، وأنظمة عقابية وتأديبية، وقواعد إدارة وقيادة ونفقات مالية ومرتبات وتسهيلات زواج وعلاج ومساعدات متعددة الأهداف.
تشتق التنظيمات الإرهابية غالبًا من رحم بعضها بعض، فالإرهابي تسبقه قدوة له في الإرهاب، وقد لا تتباعد الشركات الإرهابية فيما بينها في التشكيلات والممارسات، ويمكن أن تتوافق في المصالح وسبل النقل والتمويل والإمداد ووسائل التهريب والتخفي. وقد أضحت تظهر في شكل شركات اتحادية عابرة للقارات تتبادل الأدوار، وتتوافق في الاتجاه العام وان اختلفت في الأيديولوجيات.
الإرهاب الأشر يتلبس اليوم ويلتبس بثوب الدين ضد من؟ ضد أصل الدين، ومنبع الإسلام. حجج واهية، وأسانيد باطلة، ودعايات تتداعى، وترهات تتهاوى تارة بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وتارة أخرى بقتل الصليبين وتكفير الحكومة، وفي الاعتداءات الأخيرة على المساجد بإشعال الفتنة بين المسلمين السنة والشيعة، ثم بتخويف الشباب من الالتحاق بالقطاعات العسكرية باستهداف رجال الأمن والمساجد بما فيها مساجد مراكز التدريب، ذلك التجمع البشري التلقائي الذي يقصده كل مسلم ولا يمكن له الامتناع عنه، في ظل هذا التهديد المباشر لحياته من العناصر الإرهابية التي أصبحت تسرف في القتل.
تتخطى العناصر الإرهابية السفاحة محددي الزمان والمكان وتمعن في سفك الدماء دون مراعاة لحرمة الزمان والمكان التي شدد الإسلام وغلظ العقوبات على من يتعدى على تلك الحرمات. في حين يصوغ منظري الفكر المنحرف لهذه الشركات الإرهابية الحجج لعناصرها المجرمة أفضلية هذه الممارسات وعلو درجات قرباتها عند الله.
يُعد تهريب المتفجرات والبشر والأموال والأسلحة والذخائر عبر حدود ومنافذ الدول وبين قارات العالم تخطيا للحواجز وكسرا للاحتياطات الأمنية التي تتخذها الدول لحماية حدودها ومنافذها بممارسات تنظيمات إجرامية سخرت التقنية ووسائل النقل والمواصلات والاتصالات الحديثة لممارساتها الإرهابية وسلوكياتها الإجرامية، التي قد لا تتحقق بهذا الحجم، وبهذا المستوى العالي من التنسيق دونما هذه الوسائل والتقنيات التي أسدلت ستارا حديديا على جرائم التهريب وتخطي الحدود، وجعلت الوقاية والضبط واثبات الإدانة إجراءات تتطلب جهوداً احترافية ووسائل وتجهيزات أكثر مواكبة. مما يتطلب توفير تجهيزات ومعدات حديثة ووسائل نقل واتصالات آمنة ومتطورة وذات تقنيات عالية لأجهزة مكافحة الإرهاب.
اتسع مسرح التهريب وتخطي الحدود والمنافذ ليعم دول العالم وتتداخل معه أركان ومراحل ارتكاب ونتائج الفعل الإجرامي التي قد تتم في أكثر من دولة وتصل نتائجها إلى دول كثيرة.
تتعاظم عائدات تجارة تهريب المتفجرات والأسلحة والذخائر والبشر وعصابات غسل الأموال التي تشكل العمود الفقري للتنظيمات الإرهابية والتي كفلت التقنيات ووسائل الاتصالات والمواصلات سرعة التنفيذ وضمان للنتائج تعظم العائدات بمجهود أقل يجعل يُمكن بعض العناصر الإرهابية من احتراف تلك الأفعال. ذلك لأن بعض الدول بما فيها دول العالم المتقدم يمتد فيها تأثير النخب المتنفذة إلى صياغة الموارد الاقتصادية والمالية ضمن منظومة مصانع الأسلحة والمتفجرات وقوانين تسويقها التي تُشكل الصانع الرئيس للاقتصاد المستديم باعتبارها المحرك الجاذب الرئيس للأموال الضخمة والصفقات الكبيرة.
تبعات تهريب المتفجرات والبشر والأموال والأسلحة والذخائر، ستكون مدمرة للدول، وهذه تمثل تحدياً كبيراً للجهات المعنية بمكافحة الإرهاب في ظل النظرة القاصرة للجمهور الذي لا زال تعاونه مع أجهزة المعالجة والتصدي محدوداً. في الوقت الذي تتجه فيه إرادة الدول إلى الجمهور لزيادة تعاونه وتوسيع دائرة مشاركته وتحمله للمسؤولية التربوية والرقابية والتوعوية التي تعيق عمليات التجنيد والتمويل.
رفع جهود المشاركة المجتمعية لمواجهة خطر الإرهاب الذي بات يهدد المجتمعات البشرية بأسرها، أضحت بحاجة إلى فن ومهارات جديدة يُعزز هذا التوجه تتجاوز المحددات الآنية إلى حذق المهارة والمعرفة المطلوبة لإنجاز المهام بكفاءة، والذي بدوره يستلزم وعياً بالالتزام الأخلاقي وتقديراً لانعكاسات العمل المهني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والكفاءة الإنتاجية، تُحيل إلى فهم وإدراك جوانب حيوية هامة منها:
- أن هناك قوة ديناميكية فعالة تعمل على تغيير كل أوجه المجتمع ضمن دائرة التحضر وما يصاحبه من تغير في القيم والتقاليد والمعتقدات.
- أن القوى التي تعمل على إعادة صياغة المؤسسات الاجتماعية ستعمل أيضاً على تغيير تلقائي في أجهزة العدالة الجنائية.
- يؤدي التغير في قيم المجتمع إلى تغير في قيم منفذي أنظمة العدالة الجنائية وأفراد أجهزة التصدي للإرهاب، وهو ما ينبغي تبنيه في برامج الأعداد والتأهيل والتدريب واستراتيجيات وخطط التنفيذ من خلال التخطيط السلوكي، والخطط المتدحرجة التي تواكب التغيرات المباغتة.
- يقع على أنظمة العدالة الجنائية عامة وأجهزة التصدي للإرهاب خاصة فهم عملية التغيير بغرض التعامل بصورة فعالة مع هذا التغير خاصة معطيات التحضر والتقنية الحديثة التي تتطور باستمرار وتتطلب المواكبة.
- تعميق مفهوم التحليل الشامل والمرجعي انطلاقًا من منهجية رؤية الأشياء كما هي وفقاً لعلاقاتها الصحيحة، وتحليلها وتخيل ما قد يترتب عليها، والتحاشي من الوقوع في خلفيات الماضي التي بددتها معطيات التقنية.
يتركز النضج القيادي في تجاوز العوامل الشخصية والبداهة والفهم التقليدي، والاتجاه نحو القيادة الفعالة الخاضعة للبحث العلمي والتجريب العملي والمنهجيات والمهارات والمعارف المتجددة، والتي أضحت تعتمد على البحث والتجريب والملاحظة الموضوعية وشتى الوسائل العلمية والتطبيقية التي تُصاغ في مبادئ علمية وعملية شاملة تراعي حجم المخاطر وعمق التهديدات في التصدي للجريمة عامة وخطر الإرهاب خاصة.
تشجيع العلاقات التعاونية بين العاملين في أجهزة مكافحة الإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي للعمل ككيانات تكاملية تتقبل المسؤولية المشتركة، وتعمل على تحقيق الأهداف بروح تضامنية تتخطى التحديات وتتجاوز العقبات وتعمل على حلها بوسائل موضوعية تتناسب وطبيعة المواقف.
تحديث منهجيات وأساليب تدريب العاملين في نظام العدالة الجنائية وأجهزة مكافحة الإرهاب ضرورة حتمية تفرضها آلية مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية متصاعدة الانتشار والتدريب والتسليح. والذي بدوره يتطلب تحديث أجهزة التصدي للجرائم الإرهابية وإمدادها بالمعدات والتجهيزات التقنية المتقدمة وتدريب العاملين عليها وتطويرها باستمرار.
معالجة جرائم الإرهاب مرهون بتوفر نظام عدالة جنائية مستقر تواكب فيه القوانين والتشريعات كل التغيرات وتستوعب جميع المستندات والأدلة، وتعمل فيه أجهزة المعالجة والمواجهة على تطوير إجراءاتها باستمرار لتحقيق الوقاية والردع.
تلعب المرأة دوراً حيوياً في المسألة المتعلقة بالصلاح والنشأة السوية والتربية القويمة، فالمرأة الصالحة دورها محوري في التنشئة السوية والتربية القويمة والسلوك المعتدل، فهي العنصر الفعال في مجال ترسيخ القيم النبيلة والتربية الصالحة التي تقي من مقدمات الانحراف الفكري والتطرف العقدي، ونجد بالمقابل أن المرأة غير السوية تشكل عنصر هدم وأداة ماضية في الحفز باتجاه دواعي الانحراف الفكري والتطرف. وبالتالي تعد المرأة عنصر الوقاية الأول في الحماية من خطر الإرهاب وكشف مؤشرات بواعث الانحراف والتطرف في المراحل الأولى من إرهاصات هذا الخطر الذي بات يهدد الشباب والشابات في حجرات النوم في ظل ثورة الاتصالات ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي التي تخطت كل الحواجز.
أتاح التقدم العلمي والتطور التقني للحياة الإِنسانية في جانبها الإيجابي من خلال تقنيات الاتصال كالهواتف الثابتة والهواتف النقالة وإمكانات التصوير بواسطتها، والإنترنت والحاسبات الآلية المتطورة، والأقمار الصناعية ووسائل الاتصالات والمواصلات المذهلة السرعة ووسائل «التواصل الاجتماعي» وغيرها مزيدًا من الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي. ويبدو أن هذا الدور الإيجابي شاطره دور آخر سلبي، فأضحت هذه التقنيات والمعارف ميسرات للمنظمات الإرهابية التي أصبحت تستثمر هذه التقنيات، وتجري عليها بعض التعديلات الفنية التي تجعلها أكثر فاعلية، كما أن بعض الإرهابيين المحترفين يقومون بإدخال بعض التحسينات الفنية لتضيف تحدياً أكبر للمعنيين بالمعالجة والتصدي.
شاع فكر وسلوك داعش والجهاد والنصرة وأنصار بيت المقدس وأنصار الله والإخوان في قوالب إجرامية ضمن تقديرات لها حساباتها الأولية التي لن تستقر حول نقطة بعينها فمقدار المنتمين والمتعاطفين والمتأثرين والمترددين والمتطلعين إلى اتجاهات الأحداث لم يحسم بعد، فالكل يبحث عن قيمة مجهولة وفرض ضال. في ظل تحالف دولي غير جاد لمواجهة إرهاب داعش تجاه تبني إجراءات صارمة تحظى بدعم لوجستي متوافر للدول الكبرى ولكنها قد لا ترغب القيام باستراتيجية عملية لدحر داعش تتخطى خيوط اللعبة التي تتجاذبها المصالح. وبالتالي طال أمد محاربة داعش، والذي قد يستمر إلى نحو 15 عامًا. في ظل صورة ضبابية لإجراءات التصدي تشبه المد والجزر المرتبط بحركة القمر، والذي بدوره جعل من الإرهاب شبح لتهديد الدول وبث الرعب في صفوف الناس.
يحيل هذا التنامي المزدوج للإرهاب خطط مكافحته إلى فقاعات تتجاذبها خيوط اللعبة وتطيل أمدها وتنقل خطوط تماسها إلى مناطق أخرى أكثر بعدًا عن حدود إسرائيل، فالتوعية والتحييد وقطع الإمداد وتجفيف المنابع وكشف مصادر التجنيد والتمويل كل ذلك نفقات قد تكون عالية التكلفة من وجهة نظر التحالف الدولي لمواجهة داعش تدفع به كل دولة على الأخرى لتستقر في النهاية على خزانة من يهدده الإرهاب والإجرام الوحشي لداعش ويؤثر على استقراره مباشرة.
الشراكة المجتمعية لمواجهة خطر الإرهاب يتطلب تعاون القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية والدول انطلاقاً من الأسس والقواعد التي بنيت على أساس المصالح المتبادلة والحماية الجماعية للوقاية من مخاطر الإرهاب المهدد الخفي للتنمية والاستقرار انطلاقاً من الأساس المصلحي الذي تقوم الدول باختلاف أيديولوجياتها واتجاهاتها السياسية على الاستمرار في تبني عقد الاتفاقيات وإبرام المعاهدات ومذكرات التفاهم والاهتداء بما تصدره الهيئات الدولية من صكوك نموذجية يهتدى بها في سن النظم والقوانين لتقريب الفجوة بين أنظمة العدالة الجنائية بين مختلف دول العالم لتفعيل التعاون والسير به قُدماً للوقاية من خطر الإرهاب وجرائم منظمات الإرهاب الذي يتطلب المزيد من البذل والتبني من القطاع الخاص، وتوجيه مصادر الوقف الخيري والعمل المؤسسي والفردي الذي يستهدف الأجر والثواب إلى المشاركة الفعالة في الوقاية من مخاطر الإرهاب والتوسع في إنشاء المراكز والمرافق التي تقي فئة الشباب من الوقوع في شراك الإرهاب ومصائد الإرهابيين ببلوغ درجة من الأجر والثواب قد تتخطى بناء المساجد وإجراء الماء في ظل هذا الانتشار المتزايد للمخاطر الإرهابية التي باتت تؤرق المجتمعات البشرية في كل بقاع الأرض، وتقلق الأسر وتخيف الناس في كل دول العالم من كل ما له صلة بالإسلام والمسلمين، لتلتقي جهود القطاعين العام والخاص في مكافحة الإرهاب وتحجيم روافده من تهريب المتفجرات والأسلحة والذخائر والبشر، والكشف عن سبل المهربين الذين تجتمع أهدافهم في تدمير المجتمعات فكرياً وجسدياً.
التحرك السعودي لمواجهة خطر الإرهاب يشمل كافة الأصعدة والمجالات فمنذ نحو أربعة عقود وسياسات المملكة تؤصل لجهود دؤوبة وتجربة فريدة لمكافحة خطر الإرهاب والتطرف فتم عقد مؤتمرين دوليين لمكافحة الإرهاب والتصدي للتطرف، وندوات دولية في سياق المعالجة، وجرى الإسهام الفعال لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، وتم إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبد الله للحوار بين الثقافات والأديان، ومراكز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وإدارة الأمن الفكري بوزارة الداخلية، وإدارة الأمن الفكري بوزارة التعليم، والعديد من الكراسي العلمية والبحثية في الجامعات والكليات ومراكز البحوث. والتي يقع عليها التوحد والاصطفاف في استراتيجيات شاملة وإطار وطني موحد تتوحد فيه الرؤى وتعزز به الأهداف من أجل التصدي للإرهاب الذي تغلغل في الأفكار قبل أن يأتي على الأجساد بدعاية مضللة من منظمات إرهابية أسدل عليها إرث القاعدة حواضن تائهة بين تنظيم «داعش» الإرهابي والنصرة والجهاد وأنصار بيت المقدس وأنصار الله، فضلاً عن الكثير غير المعلن من هذه التنظيمات المقرضة تحت مظلة خطاب ديني وسياسي مؤدلج ينطلق من مذهبيات منظرين منحرفين عقديًا وفكريًا وحتى سلوكيًا، ممن رفضتهم مجتمعاتهم وأبعدتهم دولهم فلم يجدوا إلا أن يستحثوا داءً خفياً لدى فئة تخلت عن دينها وقيمها الوطنية وباعت نفسها بثمن بخس لغدر ومكر يستبيح كل شيء في تجرد فاضح من الدين والقيم والأخلاق والمبادئ الإِنسانية ضد وطن حمى الضرورات الخمس الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
الإِنسان في أمان شعار على أجهزة
الأمن الخليجي أن تتبناه!!!
تتسم إسهامات الأمن الخليجي بشمولية الحماية والأمان للمجتمع الخليجي والعالمي، وهو الدور التاريخي لدول مجلس التعاون الخليجي في حفظ الأمن والسلام الإقليمي والدولي على نقيض ما تفعله إيران، فكما تضطلع أجهزة الأمن الخليجي بمكافحة الجريمة باحترافية فهي أيضاً تتصدى للإرهاب بكل قوة وحزم وعزم، ويمتد دورها الجاد لمواجهة كافة المخاطر العلنية والمستترة بنفس المقدار لضمان الاستقرار الإقليمي والدولي ليظل الإِنسان في أمان وهو شعار الرؤية الخليجية التي لا تتبدل بالمواقف فالسمة لها الثبات تحت مختلف الظروف. في حين تظل إيران راعية للإرهاب في المنطقة والعالم، وداعمة للإرهابيين ومؤسسة ومتبنية لتنظيمات إرهابية خطيرة تهدد التنمية والأمن والاستقرار الإقليمي العالمي.
منهجية التعاون الخليجي مع كافة الهيئات الدولية والدول للتصدي لأكثر الأخطار المرحلية تحدياً - مخاطر الإرهاب - التي باتت تتطلب وتيرة التسريع والشراكة مع أكثر الدول والهيئات امتلاكًا للتقنية لفك الغموض الذي يكتنف السلوك الإرهابي، وتفتيت بنية المنظمات الإرهابية الخفية وتحديد مناطق النشوء والتنامي والاستقطاب والإعداد والتهيئة والتدريب والتمويل.
توسيع قاعدة التعاون والشراكة مع من يمتلك التقنية الحديثة ستساعد في الكشف عن بناءات ومصادر التمويل ومراكز القيادة والتوجيه لمنظمات الإرهاب، وتفتح نافذة في الزاوية المظلمة والظل الخفي لمنطلقات الإرهاب الجديد وآليات جذب وتجنيد العناصر، وبواعث الانضمام إليه والاندماج في تنفيذ جرائمه المروعة.
نشاط أجهزة الأمن الخليجي مشهود ولكنه غير كاف في ظل تزايد المنظمات الإرهابية وضبابية مخاطر وتحديات الإرهاب، والتي منها الحديث عن الإرهاب غير التقليدي كالإرهاب النووي الذي قد تتسرب أسلحته ومواده المشعة شديدة الخطورة إلى أيدي الإرهابيين الدوليين. في هذا السياق على أجهزة الأمن الخليجي الارتقاء بإجراءاتها لتوازيها جهود أخرى تنطلق من - الجامعات ومراكز الأبحاث - والتعليم، والعدل، والإعلام والثقافة، والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والرياضة، والترفيه، والشؤون الاجتماعية، وإدارات الشؤون الدينية في القطاعات العسكرية والمدنية، وأن يتبنى القطاع الخاص الخليجي شراكة حقيقة ومسؤولية تضامنية مع القطاع العام تتصل بالتوعية والوقاية من مخاطر الإرهاب على اقتصاديات الدول الخليجية، والاعتناء بأقسام ووحدات تضطلع بالإرشاد الديني والتوعية الفكرية على غرار الجهود في القطاع العام. وترسيخ العمل التضامني الرامي لرفع درجة التلاحم الاجتماعي، والأمان الاجتماعي، والحصانة الفكرية عبر مؤتمرات وندوات ولقاءات ومحاضن تأخذ في الاعتبار جسامة مخاطر وتحديات الإرهاب وضبابية وغموض جرائم المنظمات الإرهابية.