ثامر بن فهد السعيد
كل حدث يجري على السوق العقارية يُعيدنا مرة أخرى إلى نقطة البداية من حيث وجوب تطوير ونشر مؤشرات عقارية مجدية تشرح الصورة الحقيقة لتداولات وتوجهات سوق العقار في السعودية، ولو وضعت مؤشرات شهرية لتراخيص البناء وإحصائيات للمنازل المعاد بيعها بجانب المؤشرات العقارية الحالية التي تصدر عن وزارة العدل لكانت الصورة أكثر وضوحاً.
تتبع العديد من المهتمين في الشأن العقاري، إما استثمار أو اقتناء المزاد الذي أقامته مصلحة أملاك الدولة للأراضي المملوكة لها في ثلاثة أحياء مهمة في شمال الرياض (الرائد, الرحمانية والمحمدية) تمكّن المزاد من بيع 84 قطعة أرض لتكون القيمة الإجمالية لهذه المبيعات بلغت 330 مليون ريال سعودي، وبسعر تراوح بين 3150 ريالاً و 7100 ريال للمتر الواحد مختلفة بحسب نوع الأراضي بين سكني أو تجاري, لا يمكن أخذ هذا المزاد الذي أُقيم على أنه قياس لحركة الأسعار أو لتوجه السوق العقارية لعدة عوامل، أهمها أن الأحياء الثلاثة تُعد من المناطق المأهولة بالسكان والتي تتمثّل فيها ندرة الأراضي المتاحة، وهذا ما يزيد من فرصة دفع قيمة مضافة لهذه المناطق, ثانياً يظهر أن عدداً من المشاركين في المزاد كان لهم نية الشراء رغبة في البقاء داخل هذه التجمعات السكنية، إما رغبة بالقرب من البيوت الكبيرة (بيت العائلة) أو رغبه في البقاء ضمن هذا التجمع السكاني المحدد، وأيضاً لهذا قيمة مضافة، والشريحة الثالثة هي شريحة المستثمرين ممن يبحثون عن فرص استثمارية لبناء وتطوير الأراضي وإعادة بيعها، ولهم حكم الندرة وبحثهم عن مشترين محددين لهم رغبة البقاء أو الدخول إلى هذه التجمعات السكانية. وحتى نستطيع الاسترشاد بتوجه السوق العقاري عبر المزادات، ماذا لو قامت مصلحة أملاك الدولة بإعادة الكرّة مرة أخرى في أحياء مختلفة من الرياض ومناطق أخرى من المملكة لأراضٍ لا تتناسب مع متطلبات الدولة ودوائرها الحكومية لتوفر عرض أكبر في ميزان العروض والطلبات في السوق العقارية، قد يساهم في تقليص الفجوة الحالية الموجودة بسبب عدم قدرة الأفراد على التملُّك، وهذا ما تعكسه نسب امتلاك المنازل وفي داخل هذه النسبة نسبة لبيوت يلزم استبدالها لعدم ملاءمتها أو لعدم وصول الخدمات الأساسية لها، كما تظهر تقارير مصلحة الإحصاء.
بجانب نقص البيانات ووجوب أن يكون لها إطار دوري للتحديث، فإن القدرة على الشراء والقوة الشرائية لدى الأفراد أيضاً أمر آخر يساهم في خلق الفجوة بين العرض والطلب، وهذا ما جعل البنوك وشركات التمويل تتجه إلى ابتكار منتجات تمويلية تساهم في رفع القدرة الشرائية لدى الأسر السعودية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر القروض المجمَّعة, وقروض التضامن حيث يستهلك الأفراد في القروض المجمَّعة كامل قدرتهم على الاقتراض للوصول إلى سعر الوحدة السكنية، أو تستهلك الأسرة من زوج وزوجة قدرتهما على الاقتراض العقاري من خلال قرض تضامني للوصول إلى سعر الوحدة السكنية المنشودة، وبالإمكان قياس هذا من خلال معرفة متوسطات الدخل للأفراد، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، فللفرد الحق بالحصول على قرض عقاري قدره 60 راتباً، بالإضافة للدفعة المشترطة من مؤسسة النقد والمقدّرة بـ30% من قيمة العقار على أن لا يتجاوز قيمة القسط 50% من إجمالي الدخل الشهري. هذا يجعل القوة الشرائية للأفراد تقع في متوسط بين 570 ألف ريال و 1.1 مليون ريال، وقد يكون لهذه الفجوة بين العرض والطلب أثرٌ أيضاً في تنشيط عمليات الاقتراض غير النظامية، كما يجري بتقسيط السيارات، وغيرها من السلع.
أصبح اليوم من المهم على وزارة الإسكان، وهي الجهة التي يقع على عاتقها توفير السكن، الحرص على تقليص الفجوة بين العرض والطلب، ولعل العرض هو الأداة الأقرب للسيطرة على الجموح العقاري.