ثامر بن فهد السعيد
منذ عودة تداولات السوق بعد إجازة عيد الفطر الماضي انخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية بنسبة تجاوزت 20% ووصلت خسائر مؤشر الأسهم 25% في الأسبوع الأخير لشهر أغسطس 2015 وإضافة إلى هذا فإن السوق السعودي جاء ثانيا في قائمة الأسواق الأكثر انخفاضا بين المؤشرات العالمية الرئيسية. قبل هذه التراجعات القوية كانت القيمة السوقية لسوق المال السعودي تتجاوز 2 تريلون ريال لتنخفض في وقتها الحالي إلى 1.6 تريلون ريال وهو ما يمثل هبوط القيمة السوقية للأسهم المدرجة بمقدار يقترب من 500 مليار ريال.
اشتدت في الأسبوع الأخير والذي سبقه من شهر أغسطس حدة وقوة البيوع في السوق، ما دفع السيطرة في السوق المالي إلى ما يعرف نظريا بالدببة وهم من يمثلون قوة البيع وبطبيعة الحال بجانب كل العوامل العالمية الاقتصادية المؤثرة والتي انعكست على أداء الأسواق جميعها إذ تبخرت 5 تريليونات دولار من القيمة السوقية لبورصات العالم.
جاء ضغط إضافي على السوق المحلي من تراجع أسعار النفط حيث يبلغ متوسط سعر البرميل لخام برنت في العام الحالي 2015 ما قيمته 57 دولارا للبرميل بالمقارنة مع متوسط يتجاوز 90 دولارا في السنوات الثلاث الماضية، ولا شك أن هذا فرق كبير في متوسط الأسعار يمثل تراجعا بنسبة 63%. وأيضا، فالاقتصاد الصيني والشكوك حول قدرته مواصلة النمو خصوصاً وأن الصين هي العميل رقم واحد لقطاع البتروكيماويات السعودي، حيث يشكل ما تستورده الصين 33% من إجمالي ما يبيعه القطاع، وأيضاً فهي مستورد مهم للنفط كان لها أثر على تداوله، وهو أيضاً ذو ثقل مهم على حركات الأسواق العالمية.
استمرت حدة التراجع حتى بدأ المهتمون والمتعاملون في السوق المالي يبحثون عن سبب للتراجع ولا شك، كون السوق المالي السعودي لا يحتوي أدوات إضافية غير البيع الشراء يجعل دائما الضغوط البيعية كبيرة، بالإضافة إلى السيطرة الواضحة من الأفراد على مجريات التداول، وهذا عام يتشابه فيه السوقان السعودي والصيني في سيطرة الأفراد على أحجام التداول، وهو أحد مسببات حدة التذبذب فيهما.
في ظل بحث الأسباب، كان التركيز على أثر البيع الإجباري للمستثمرين الحاصلين على تسهيلات من البنوك أو شركات الوساطة على قوة البيع ودفع السوق نحو التراجع، وبين النفي والتأكيد، وجب أن يكون ضمن تقارير «تداول» الشهري حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمستثمرين في السوق لأن تحديث هذا الرقم شهرياً أيضا سيجعل بمقدور المستثمرين جميعهم قياس الأثر وقياس التذبذب في حال تغيرت المعطيات بقياس أيضاً حجم التسهيلات الموجودة ومتى قد تصل إلى حد الاستدعاء، وهو ما يضيف حدة في تذبذب الأسعار للأسهم وبطبيعة الحال للسوق.
تعمل هيئة السوق المالية السعودية على نشر حجم التسهيلات والائتمان المتاح في تقريرها السنوي بشكل يفصل حجم التسهيلات المقدمة بشكل شهري لذلك وهو ما يجعل تحديثه شهرياً بدل من أن يكون سنوياً أمراً متاحاً ومطلباً يضاف إلى زيادة المعلومات المقدمة للمستثمر وزيادة الشفافية أيضاً.
أشار تقرير هيئة السوق المالية السعودية 2014 بأن حجم التسهيلات المتاحة في السوق المالية كان 31.1 مليار ريال بالمقارنة مع 20.8 مليار ريال للعام 2013 وهو ما يمثل ارتفاع التسهيلات بمقدار 33.1% ولعل أيضاً هذه النسبة تشير إلى ارتفاع شهية أخذ المخاطر في السوق من قبل المتعاملين. رغم ذلك فإن هذه التسهيلات لا تمثل إلا 1.7% من إجمالي القيمة السوقية لتداول.
وبعيداً عما إن كانت بيوع التسهيلات سببا في التراجع أم لا، فإن الطريقة التي تقدم فيها هذه التسهيلات للعملاء تكون سببا في حدة التذبذب لبحث الوسطاء على منتجات تساهم في زيادة أعمال شركاتهم وتكون هذه المنتجات دافعا لأخذ مخاطر أكبر تكون غير محسوبه حيث يقدم بعض الوسطاء تسهيلات ائتمان تصل إلى 100% أو 200% وتصل إلى 300% وهذا بحد ذاته خطر، فتراجع السعر بنسبة 25% فقط كفيله بأن تتجاوز الخسائر 60% للعميل وإن كان هذا قرارا فرديا يخص العميل وهو من يتحمل مسئوليته فإن هذا أيضا يسبب ضغوطا بيعية من وقت لآخر ولعل تكرار سقوط بعض الأسهم بالنسبة الدنيا لجلسات متعددة خير مثال لمثل هذا السيناريو خصوصاً وأن تلك التسهيلات تمنح للعملاء مجاناً شريطة تنفيذ عدد معين من العمليات.