د. عبدالواحد الحميد
موجة من الفرح العارم اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي والمجالس الخاصة والعامة في أعقاب صدور الأوامر بفتح الأسواق المحلية للشركات الأجنبية للعمل في قطاع تجارة التجزئة والجملة بنسب مُلكية تصل إلى 100 بالمائة وذلك دون «وسيط».
فرَحُ الناس هو رد فعل طبيعي على سلوك بعض الوكلاء التجاريين الذين طالما استغلوا المستهلك في تعاملهم معه لأنهم كانوا يتصرفون بعقلية المحتكر الذي يستطيع أن يفرض شروطه على المشتري دون أن يبالي! وقد كان لوزارة التجارة والصناعة في الآونة الأخيرة جهود مشكورة في إنصاف المستهلكين أمام جشع بعض الوكلاء، ورأينا أن الكثير من الممارسات الاحتكارية يمكن لجمُها بقرارات حكومية صارمة. وبالطبع لم يكن المطلوب ولا المقصود هو إلحاق الضرر والظلم بالوكيل وإنما إيجاد بيئة عادلة تجري فيها ممارسة العمل التجاري بما يحقق مصالح كل الأطراف دون إجحاف بأي منهم.
من المؤسف أن بعض الوكلاء كانوا مجرد «وسطاء» يتقاضون أتعاباً لا يستحقونها لأنهم لا يقدمون أي قيمة مضافة. لقد كان بعضهم مجرد كائن طفيلي يعيش على الآخرين دون أن يقدم شيئاً. وعندما يحتاج المستهلك إلى خدمة ما بعد البيع أو يكتشف أن البضاعة التي اشتراها معيبة فإنه لم يكن يجد من هذا البعض أي تفهم لدرجة أن بعض المستهلكين يضطرون إلى مراجعة ممثلي الشركات في بعض الدول الخليجية المجاورة التي تبادر إلى إنصافهم بعكس ما يفعله بعض الوكلاء السعوديين.
لقد أساءت تلك الممارسات إلى الوكلاء الجادين، فأصبحت صورة الوكيل التجاري مشوهة في أذهان المستهلكين وأصبح الوكيل رمزاً للاستغلال والاحتكار، وبخاصة أن بعض الوكالات تحارب توظيف السعوديين رغم توافر الوظائف التي يستطيع السعوديون القيام بها لدى تلك الوكالات.
لا زلنا حتى الآن نجهل تفاصيل قرار فتح الاستثمار أمام الشركات الأجنبية في قطاع التجزئة بما يصل إلى نسبة 100 بالمائة، فالتفاصيل ستأتي في اللوائح التنفيذية المرتقب صدورها، لكن الناس أبدوا مشاعر السعادة بصدور هذا القرار؛ وتلك أبلغ رسالة لأصحاب الوكالات، فكأن المستهلكين يقولون لقد بلغ السيل الزبى وتجاوز الصبر الحد يا أصحاب الوكالات.