د. عبدالواحد الحميد
من المفارقات الغريبة التي تحدث كل عام في مثل هذه الأيام مع بداية العام الدراسي تأخر تزويد المدارس بالكتب المقررة على بعض أو على كل المراحل الدراسية وكأنما العام الدراسي يُفاجيء المسؤولين في وزارة التربية فيأتي قبل موعده!
وفي كل عام تُساق التبريرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي غالباً ما تُبَرّيء الوزارة وتتهم المطابع وكأن الوزارة ليست هي الجهة التي اختارت المطابع وتعاقدت معها.
وجه الغرابة في الأمر هو عدم قدرة الوزارة على تجنب تقصير متكرر يتعلق بمهمة محددة تعرف الوزارة سلفاً وقبل وقتٍ كاف متى يجب إنجازها! والمهمة تتعلق بجزئية بالغة الأهمية من العملية التعليمية وهي المقررات المدرسية التي قد يتعذر بدء الدراسة قبل توفيرها للطلاب.
نعم، ندرك أن التحديات التي تواجهها الوزراة كثيرة، وندرك أن بعض هذه التحديات خارج سيطرة الوزارة لأنها ترتبط بجهات حكومية أخرى، بل ندرك أيضا أن الوزارة قد لا تستطيع إدراج موضوعات معينة في مناهجها ومقرراتها الدراسية لأسباب خارجة عن إرادتها حتى لو كانت مقتنعة بأهمية إدراجها؛ لكن ما يصعب فهمه هو عدم قدرة الوزارة على ضبط عملية لوجستية بحتة تتمثل في وضع وتنفيذ خطة لتوزيع الكتب الدراسية على التلاميذ في الوقت المحدد والمعروف سلفاً للوزارة.
وقد جاء العام الدراسي الحالي مثل الأعوام الدراسية السابقة يحمل معه ارتباك الوزارة وتأخرها في توزيع الكتب الدراسية وسط حديث متفائل عن الانتقال من عالم الكتب الورقية إلى الكتب الرقمية!
نحن نرى خيبة الأمل على وجوه الأطفال الصغار المستجدين الذين يبدأون مشوارهم الدراسي لأول مرة في حياتهم وهم يحملون حقائبهم المدرسية الزاهية الملونة والفارغة من الكتب. لكن الأهم من ذلك هو ما يترتب على تأخير توزيع الكتب من تأخيرٍ لبدء الدراسة ثم اجتزاء بعض محتويات المقرر بسبب ضيق الوقت؛ وكل ذلك على حساب الطالب نفسه.
مرة أخرى: هل تستفيد الوزارة من تجارب الأخطاء المتراكمة وتقضي على ظاهرة التأخر المتكرر في توزيع الكتب الدراسية في مستهل كل عام دراسي؟ أم أن الفرج سوف يأتي من الكتب الرقمية التي تَعِد الوزارة بها منذ بعض الوقت؟ وإذا كانت الوزارة تعاني كل تلك المتاعب في توزيع الكتب الورقية العادية، كيف يكون الحال مع الكتب الرقمية التي قد يكون الميدان مهيأ أو غير مهيأ لها؟
ومرة أخرى: نحن نتحدث عن الشكل وليس عن المضمون. عن توفير الكتب وليس عن تطوير محتواها!