محمد سليمان العنقري
تشهد الأسواق المالية العالمية حالة من التقلبات الحادة منذ بداية العام الحالي بسبب الأخبار السلبية التي تسيطر على مشهد الاقتصاد العالمي وزادت حدتها بالأسابيع القليلة الماضية ولم يكن السوق المالي السعودي بعيداً عن هذه التذبذبات الحادة بل إنه خسر في شهر أغسطس الماضي 17 % كأحد أكثر الأسواق انخفاضاً.
وفي مثل هذه الظروف ينتظر عموم المتعاملين بالسوق أن يستقر المؤشر عند منطقة لفترة زمنية تصل لأسابيع حتى يستطيعون العودة للسوق واتخاذ قراراتهم المستقبلية في تعاملاته سواء كانوا مستثمرين أو مضاربين؛ فاستقرار الأسواق يعني أن كل الأطراف لم تعد تتخذ قراراتها بتأثير من الأفراد بالمخاوف أو التفاؤل.
وحتى تستقر السوق المالية لابد من إيضاحات تظهر للعموم تفند الأسباب التي أدت للتحركات السريعة وما تحدثه من تقلبات حادة فالهيئات التنظيمية للأسواق يقتصر دورها على جوانب تنظيمية وإشرافية ورقابية وبذلك فإن أي توضيح منها سيكون ضمن إطار دورها بينما في حالة السوق المالي المحلي فإن التأثير الذي أدى لتفاقم الخسائر فيه كانت أسبابه من الأوضاع الاقتصادية العالمية السلبية والتي تم تفسير آثارها على الاقتصاد الوطني وبالتالي السوق المالي بأنها سلبية ستؤدي لتراجع أرباح الشركات كنوع من التحوط من قبل المتعاملين بالسوق، فكانت ردة فعلهم واضحة بالاتجاه نحو البيوع للأوراق المالية التي بحوزتهم لتقليل المخاطر.
وتشتمل الإجراءات التي تتخذ من قبل الجهات الرسمية التي تتولى الشأن الاقتصادي على العديد من الأساليب التي تزيل الغموض الذي يكتنف رؤية المتعاملين بالسوق فتراجع أسعار النفط الذي يؤثر على الإيرادات العامة للخزينة حيث تبنى على أساسها توقعات الانفاق الحكومي للفترة القادمة كانت أحد أكبر الأسباب للتوقعات بتراجع النمو الاقتصادي رغم أن الميزانية العامة هي جزء من الاقتصاد وأن رفع معدلات النمو يمكن تحقيقه بادوات كثيرة غير الانفاق الحكومي على المشاريع.
فمن المهم لتحقيق استقرار السوق المالية أن تتزاد الإيضاحات حول الخطط الرسمية التي تهدف للحفاظ على معدلات نمو اقتصادي جيدة وماهي الأدوات التي سيتم اتباعها سواء القائم منها أو القادم لمواجهة تبعات تأثير الاقتصاد العالمي السلبية على اقتصاد المملكة بما يحصنه ضدها ويحقق أفضل نتائج ممكنة تبقي الزخم التنموي بالوتيرة المناسبة ويبدد أي توقعات تقوم على اجتهادات تكون بعيدة عن الواقع. فالرد على أي تأثير بسبب تباطؤ بنمو الاقتصاد العالمي سواء بتأثير من الصين أو منطقة اليورو أو دول شرق آسيا التي نرتبط معها بعلاقات تجارية واسعة أو التوقعات برفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي بحكم ارتباط الريال به تتطلب بيانات وتفصيلات رسمية من الجهات المعنية بشكل مستمر كي تكون الصورة واضحة للمستثمرين ويتخذون قراراتهم على أسس سليمة بأي اتجاه كان ليتم تحديد القيم العادلة لأسعار الأصول وفق ما تستحق.
استقرار السوق المالي في ظل الظروف الحالية والمسببات التي تؤثر فيه يتطلب جهوداً استثنائية تقع على عاتق الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي وبتنسيق بينها حتى تعطي نتائج إيجابية تبين للعموم الوضع الحالي والمستقبلي مدعمة بالمعلومات والأرقام فعلى سبيل المثال أظهر تقرير لمصلحة الإحصاءات أن الاقتصاد الوطني حقق نمواً فاق 3 % بالربع الثاني لهذا العام ولكن كم متعامل وصلته هذه المعلومة وكم من تحليل من المؤسسات المالية المرخصة ظهر ليوضح معنى وأثر ذلك على السوق المالية مما يعني الحاجة إلى ارتباط أكبر بين تلك الجهات الرسمية والسوق المالي لتحقق الأخيرة وظيفتها الاقتصادية الكبيرة بدعم النمو والتنمية بالاقتصاد الوطني.