رجاء العتيبي
شيء عجيب، المدارس الأهلية بصرياً متشابهة، على مستوى الرسومات التي على السور الخارجي، أو الرسومات الداخلية، لا نشاهد إلا ألواناً فاقعة (أحمر، أخضر، أصفر، أزرق، بني )، هي ذات الألوان، سواء مدرسة في حي السويدي أو مدرسة في حي العليا، أو مدرسة في حي الربوة، أو مدرسة في حي ظهرة لبن.
ربما 90 % من المدارس الأهلية اصطبغت بصبغة واحدة، وشكل بصري تقليدي يكاد يكون مكرراً، وعندما تبحث عن السبب ترى أن الذي خطط المدرسة بهذه الألوان هو (رسام هندي) جاء بسعر رخيص ومن منطقة قروية، لا يعرف سوى الألوان الأساسية، ولا يعرف يرسم سوى منظر طبيعي أو باص أو يكتب خط رقعة مكسر.
المأساة أن القائمين على المدرسة لا يريدون أن يفكروا (بصرياً) في مدرستهم، فربما ألهاهم جمع الأموال عن التصميم الداخلي للمدرسة، فليس ثمة أسرع من (هندي) يلطخ المدرسة بألوان متنافرة ورسومات قروية تفتقد إلى أسط نظريات علم الجمال.
لست متفاجئاً عندما اصطحبت ابني لمدرسة ابتدائية أهلية الأحد الماضي (الأسبوع التمهيدي)، فأنا ابن هذا الميدان (طالباً) و(معلماً) و(مشرفاً) فالمنظر البصري للمكان والساحة والفصول والمكاتب لا ينمي روح الجمال لدى التلاميذ الصغار، ولا يؤسس عندهم لأهمية الهوية البصرية، بل على العكس سيفسد ذائقتهم الجمالية على مدار 6 سنوات هي العمر الافتراضي للتربية الجمالية لديهم، ولكن هيهات لمن تنادي.
إذا كان الطفل يعيش في منزل قائم على تصاميم جميلة ومتناسقة، فإن المدرسة بهذا الشكل التقليدي من الألوان والأثاث كفيلة بأن تهدم كل ذلك، وربما أنها خرجته (معوقاً فنياً) لا يستطيع أن يؤثّث منزله مستقبلاً بصورة جميلة، أو يضع في مكتبه لمسات فنية تريح العين، أو يكون لديه إحساس بالفنون البصرية.
ربما حتى هذه اللحظة لا يعرف أصحاب المدارس الأهلية ماذا يعني (تصميم الهوية) ومما تتكون، وهل هي بصرية فقط أم أن كل عناصر المدرسة تدخل في مجال الهوية؟ أعرف أن كثيراً منهم لا يعرفون ذلك، ولا يريدون أن يعرفوا؛ لأن الدخول في هذا المجال يفضي إلى (تكلفة) معينة، لذلك لا بأس بشيء من الألوان المتنافرة، مع بعض من الأثاث المتقادم، حتى لا تتناقص نسبة الأرباح، أما التربية الجمالية والبيئة البصرية المريحة، فلا مكان لها في (الآلة الحاسبة).