بيروت - هناء حاج:
اهتمت وسائل إعلام العالم كله بأزمة النفايات اللبنانية، منهم من غطى الخبر من ناحية تقنية ومنهم من اعتراه الرعب من هول ما شاهدوه في المظاهرات، ومنهم من ترقب الأصعب، ومنهم من طالته المياه والضرب والعنف الحاصل في وسط بيروت، إلا أن شعارا واحدا جمعهم «طلعت ريحتكم».
فبعد الأزمات السياسية التي طالت كل اطياف الشعب اللبناني، فرقتهم وشرذمتهم وقتلتهم في احيانٍ كثيرة، إلا أنها لم تقضِ عليهم بشكل جذري، وهذا أمل كبير، إذ ان أزمة النفايات التي يعاني منها وطن بأكمله جمعهم مرة جديدة، إذ إنها جمعت شمل اللبنانيين مرة جديدة، لأن الزعماء شلل وجماعات ولكن النفايات واحدة، ووجع واحد وأمراض تستشري بين الناس.
وبما أن الشعب اللبناني يحب الحياة رغم مآسيها، ويعشق الفنون، ابتكر من المصيبة فنا وبرزت مواهب الغناء والرقص والرسم وتصميم الأزياء وتصميم الاعلانات وحتى موهبة الالقاء والنظم الشعري..
في حملة «طلعت ريحتكم» أجمل الصور وأرقاها لشعب لا يعتبر بالمصيبة. فمن بدأ يصمم مخطوطات على أشكال مختلفة من أكياس النفايات وينص شعارات مضحكة مبكية من رحم الألم، الى تصاميم بالملابس المختلفة، ورسومات وماكياج للوجه تعبّر عن وجعهم بطريقة فنية.
أما الأطرف بين المتظاهرين ممن صنع أقنعة من وحي مجلسي الوزراء والنواب، لوجوه انتخبوها سابقاً ويناصروها لاحقاً. ولكن حجم المآساة التي يعيشونها أنستهم ماهية انتماءاتهم الانتخابية وربما السياسية للحظات.
وأبرز ما جال بين المتظاهرين الاقنعة المستوحاة من الأفلام الهوليوودية، حيث جال الرجل الضاحك بين الناس يردد شعارات ضد الدولة، ويندد بالسياسية الاقتصادية المتفاقمة. ليلحق به «باتمان» بلباسه الأسود الذي اخاطه من أكياس النفايات ليعلن اعتراضه على سياسة الاهمال و»الزبالة» في الشوارع.
ولم يختلف بعض الفنانين وسيدات المجتمع الذين نزلوا الشارع اعتراضاً على الاعتداء على الشبيبة، أو تأييداً للحملة، دون البحث في الاسباب السياسية ومن وراء التحرك الذي لا بد أن يصاغ لاحقاً حملة سياسية معارضة للحكومة الحالية، أو حملة لمن لم يستفد من (عمولات الصفقة) او ربما ستبقى الحملة مطلبا شعبيا محقا، والخوف الأكبر أن تكون تظاهرات حملة «طلعت ريحتكم» حق يراد منه باطل.