(التجارة) لا تقبل تسجيل الوكالات (الحصرية أو المعتمدة).. والسوق مفتوحة للجميع ">
إشارة إلى مقال الكاتب د. عبدالرحمن محمد السلطان المنشور في جريدتكم الموقرة في عددها الصادر يوم الثلاثاء رقم 15664 بتاريخ3-11-1436هـ بعنوان: «الوكالات التجارية احتكار يجب تفكيكه يا معالي الوزير».
نود في البداية أن نشكر الكاتب على تفاعله مع موضوع خبر تشهير مجلس المنافسة بالشركة المخالفة لنظام المنافسة بغرامة مالية قدرها 15 مليون ريال في الصحف، إلا أن الصواب قد جانب الكاتب في أجزاء كثيرة من ذلك المقال، مما يتطلب الشرح والتوضيح، خاصة فيما يتعلق بالشق الخاص بمجلس المنافسة ودوره الحقيقي في تعزيز وحماية المنافسة والذي تجاهله الكاتب في مقاله.
لا شك أن مساوي الاحتكار في المجمل متعددة ولا يسع المقام لتناولها هنا، حيث سيطول النقاش في تعدادها وكذلك الآثار السلبية الناتجة عنه، ولكننا نتفق بأن الأسواق الناشئة والمتقدمة قد تعاني منها على حد سواء، مما حدا بتلك الدول أن تقر تشريعات لمعالجة تلك القضايا، مما يعني أنه لا يوجد خلاف حول ذلك مع الكاتب، إلا أن مكمن الخلاف يأتي حول ما تناوله الكاتب عن حماية الدولة ودعمها للاحتكار، وتحديداً ما ذكره حول «الوكالات التجارية» أو الوكالات الحصرية» وهو ما يخالف الواقع.
فمنذ العام 1425هـ حرصت الدولة على إنشاء مجلس للحماية المنافسة مدعوماً بنظام صارم وعقوبات قاسية ضد المنشآت المخالفة للنظام والمخلة بالسوق. ولم يقف مجلس المنافسة مكتوف الأيدي أمام أي انتهاكات من قبل أي منشأة، بل طبق النظام بحزم شديد ضد عدد من المنشآت التي خالفت قواعد المنافسة، ومن ذلك قيام عدد من المنشآت المتنافسة بتحديد وتثبيت الأسعار مثلاً أو قيام كيان احتكاري باستغلال ذلك الوضع المهيمن للإخلال بالسوق والقيام بممارسات يحظرها نظام المنافسة.
وتأكيداً لدور مجلس المنافسة الفعال، نشير هنا إلى أن القرارات التي أصدرتها لجنة النظر والفصل في مخالفات نظام المنافسة، تضمنت عقوبات رادعة، حيث صدرت العديد من القرارات ضد (88) منشأة وبغرامات مالية تتجاوز (350) مليون ريال سعودي ضد شركات الأرز العاملة بالمملكة، وكذلك شركات المشروبات الغازية ومصانع الخرسانة وشركات ومصانع الغازات الطبية وغيرها. مما كان له الأثر الإيجابي في رفع مستوى المنافسة ومكافحة بعض الممارسات الاحتكارية، كما أن هناك العديد من القضايا المنظورة لدى الأمانة العامة لمجلس المنافسة والتي من المتوقع رفعها إلى لجنة النظر والفصل قريباً.
وعلى الرغم من ضخامة الغرامات المالية المذكورة وحرصاً على تأكيد دور المجلس ورفع كفاءته وزيادة فعاليته، فقد وافق المقام السامي العام الماضي على تعديل المادة (12) من نظام المنافسة الخاصة بالغرامات بما يتلاءم مع حجم السوق السعودي المتنامي والشركات العاملة فيه ومع القوانين المقارنة لتصبح الغرامة (10) في المئة من قيمة المبيعات السنوية للمنشأة المخالفة، أو بما لا يتجاوز (10) ملايين ريال، ومضاعفة الغرامة في حال تكرار المخالفة ومصادرة المكاسب الناتجة من المخالفة، بعد أن كانت لا تتجاوز (5) ملايين ريال فقط، مما سيعود ذلك بالفائدة على السوق السعودي وعلى حماية المنافسة المشروعة، إضافة إلى أنه سيكون رادعاً للمنشآت التي قد تُخل بأحكام نظام المنافسة.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن نظام الوكالات التجارية، وإن كان نظاماً قديماً تم اقراره منذ فترة طويلة، قد لا يتلاءم مع الوضع الاقتصادي الراهن للسوق السعودي، إلا أنه لا يتضمن أي مادة تقر ما يسمى «بالوكالة الحصرية» أو «الوكيل المعتمد» كما صرح كاتب المقال. حيث لم ترد تلك المصطلحات في طيات نص النظام، كما أن إدارة الوكالات التجارية في وزارة التجارة والصناعة لا تقبل تسجيل عقد الوكالات التجارية التي تحتوي على هذه المسميات «الحصرية» أو «المعتمد»، باعتبار أن السوق متاح للجميع دون استثناء، وأن استغلال بعض التجار بشكل سيء لنصوص نظامية شيء وارد مما يتعين معه قيام المنظم بتعديل وتطوير الأنظمة بشكل مستمر وهذا ما نشهده اليوم.. حيث تعمل الوزارة باستمرار على مراجعة الأنظمة وتطويرها، ومن ذلك نظام الوكالات التجارية، مما يكون له الأثر الإيجابي على المستهلك وعلى تعزيز المنافسة.
إن ما جاء به الكاتب حول عدم قدرة الأفراد والشركات على الاستيراد بأنفسهم من الخارج غير صحيح، إذ إن كثيراً من الأفراد والشركات تستورد حالياً من الأسواق الأخرى منتجات يوجد لها وكلاء داخل المملكة، فعلى سبيل المثال يبلغ حجم السيارات المستوردة من الأسواق الخارجية خارج إطار وكلاء السيارات (30) في المئة من حجم الاستيراد الكامل بالمملكة والذي يصل إلى حوالي (650) ألف مركبة سنوياً، مما يعني أن لأي فرد أو تاجر الحق في استيراد ما شاء من المركبات وفقاً للأنظمة المعمول بها في المملكة.
إن الوزارة وعلى رأسها معالي وزير التجارة والصناعة ورئيس مجلس المنافسة، لتولي اهتماماً بالغاً بتعزيز المنافسة المشروعة ومنع الممارسات الاحتكارية بهدف تعزيز قواعد المنافسة العادلة وخلق بيئة تجارية تنافسية صحية، مما يعود على الاقتصاد الوطني بالفائدة.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير،،،
د. مساعد بن ناصر العتيبي - أمين عام مجلس المنافسة