د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
نتيجة انخفاض أسعار النفط إلى 46 دولاراً للبرميل في يونيو 2015، تراجع احتياطي الحكومة ب192 مليار ريال في يونيو 2015 منذ سنة، لتصل إلى 659.3 مليار ريال، كما تراجعت موجودات الدولة لدى مؤسسة النقد في يونيو إلى 2572 مليار ريال مقارنة ب2799 منذ سنة.
شكلت الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج 72 في المائة من إجمالي الأصول الاحتياطية، وودائع في الخارج ب 26 في المائة، وحقوق السحب الخاصة ب1.3 في المائة، واحتياطي في صندوق النقد الدولي ب.5 في المائة، والذهب ب.1 في المائة. تراجع احتياطيات الحكومة، وموجودات الدولة، راجع إلى انخفاض أسعار النفط التي تشكل 90 في المائة من دخل الدولة، وزيادة الإنفاق العام وعلى المشاريع والبنى التحتية، تراجعت هي الأخرى من 489 في يونيو 2014 إلى 375 مليار ريال في يونيو 2015.
تتجه الدولة لإصدار سندات التنمية الحكومية لتمويل المشاريع العامة في الدولة والبالغة 120 مليار ريال، تعد أوراق قوية ترفع التصنيف الائتماني للمصارف، علاوة على أنها توظف الأموال بطريقة آمنة ودخل ثابت، ويمكن للمصارف أن تغطيها في ظل الاحتياطي المتوافر لديها، يمكن أن تزاحم القطاع الخاص في القروض المصرفية، في وقت يبلغ حجم المحفظة الإقراضية الكلي 1.2 تريليون ريال.
تراجعت صادرات السعودية غير البترولية ب15 في المائة في الربع الأول من عام 2015، حيث بلغت 47.1 مليار ريال مقارنة بالفترة المماثلة لها من السنة الماضية، في حين زادت الواردات 7 في المائة لتبلغ 162.5 مليار ريال، أي أن نسبة الصادرات إلى الواردات تبلغ 28.89 في المائة من إجمالي قيمة الواردات خلال هذه الفترة.
هبوط أسعار البتروكيماويات يهوي بأرباح شركاته 31 في المائة في ستة أشهر، وهناك خمس شركات خاسرة، بينما نجد سابك الشركة الوحيدة التي حققت أرباح في الربع الثاني من عام 2015 نحو 6.170 مليار ريال، بسبب أن الشركة لديها منتجات عدة ستدخل في مشروع قطار الرياض ومشاريع النقل العام في السعودية، منها منتجات البوليمرات، ومنتجات تدخل في الصناعات الكهربائية، والإلكترونيات، وصناعة السيارات، والأدوات الطبية.
استطاعت شركة سابك التحرر من أن تكون أسيرة لمنتجات النفط الأساسية التي تخضع لأسعاره، فاتجهت إلى الإعلان عام 2014 عن الشراكة بين سابك وأرامكو وصندوق الاستثمارات العامة، لتوفير فرص استثمارية في مجال الصناعات التحويلية، تعتمد على منتجات سابك.
في الفترة الماضية تضاعفت أسعار العقار إلى أكثر من ثلاث مرات من عام 2006 وحتى منتصف 2014 ،في حين ارتفعت إيجارات المنازل للضعف خلال ثماني أعوام، خصوصا وأن أكثر من 60 في المائة من السكان لا يمتلكون مساكن، مما جعل الإسكان يتصدر ملف التضخم في السعودية.
دعمت الدولة ملف الإسكان عبر إنشاء وزارة الإسكان ورفدته بمبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية خلال سنوات، لكنه لن يحل مشكلة الإسكان، وسبق أنها دعمت صندوق التنمية العقاري ورفعت رأسماله من 78 مليار ريال عام 2004 إلى 185 مليار ريال عام 2013، والإقدام على العديد من الخيارات.
توقعت وزارة الاقتصاد أن يلبي السوق 1.2 مليون وحدة سكنية خلال الفترة 2009-2014، لكن السوق لم تلب هذه الأرقام، ومن المتوقع أن ينمو الطلب على المساكن خلال الفترة 2014-2024 إلى أربعة ملايين وحدة سكنية، أي أربعة أضعاف الطلب على السكن خلال السنوات الخمس الماضية.
أنفقت الدولة خلال خمسة أعوام 4.4 تريليون ريال، ودعمت الصناعة التحويلية لتخفيف فاتورة السلع الاستهلاكية، ارتفع عائد الصناعات التحويلية غير البترولية في الدخل القومي في عام 2014 بنحو 50 في المائة إلى 150 مليار ريال مقارنة بالسنوات الماضية.
السعودية مقدمة ليس فقط على طفرة إسكانية وعقارية، بل إلى طرح مشاريع إنشائية جديدة تخدم النقل العام في المدن الرئيسية مثل مترو جدة وقطار الرياض، وخطة استراتيجية لتحويل المطارات الداخلية إلى دولية.
تراجع أسعار النفط، وتراجع العملات الرئيسية اليورو، والعملة الصينية، تؤدي إلى تراجع الأصول، وإلى تراجع الأسعار العالمية، فمثلا تراجعت أسعار المنازل في دبي بعدما هبطت إلى النصف عام 2008، لكنها تتراجع من جديد وسينعكس هذا التراجع على بقية دول الخليج وخصوصا في السعودية وتدخل مرحلة تصحيح الأسعار.
هناك دعوات إلى صياغة نظام سعودي لإدارة وبناء المشاريع الكبرى، خصوصا وأن السعودية تعد من أكبر دول العالم إنفاقا على مشاريع التنمية والبنية التحتية، وهناك تغيرات هيكلية، ومعالجة الخطة العاشرة، حتى تدعمان تنويع الاقتصاد، وتخلقان فرص عمل جديدة. فهناك خطط سعودية طموحة لتصنيع السيارات، والطائرات، وتصنيع قطع غيار التحلية وغيرها، وهي فرص استثمارية كبرى أمام السعودية، بل إن السعودية لديها خطة استثمارية طموحة لاستبدال خامات المعادن المستوردة بالمحلية.
يجب إخراج الاقتصاد السعودي من الدائرة المفرغة للنمو الاقتصادي المفرط في اعتماده على النفط، التي لا تزال تعتمد حتى الآن على70 في المائة من صادراتها على القطاع الهيدروكربوني، المتمثل في النفط والغاز، وهو أمر يفرض نمطا من الصادرات المعرضة لتغيرات كبيرة في السعر العالمي.
كما أنه يحرمها من استخلاص قيمة مضافة عالية من ثرواتها الطبيعية، إضافة على أنه يمثل نمطا غير تنافسي على الصعيدين المحلي والخارجي، مما يعكس ضغوطا كبيرة على ميزان المدفوعات، خاصة في ظل تعاظم حجم الاستيراد الاستهلاكي، في الوقت التي تغطي الصادرات الصناعية نسبة كبيرة من فاتورة الواردات، ما يدعو إلى إحداث تغير في هيكل القيمة المضافة الصناعية، نسبة كبيرة من فاتورة الواردات.