إطلاق التكفير على مرتكب الكبيرة باطل وخروج عن الإجماع ">
الجزيرة - وهيب الوهيبي:
حذَّر الشيخ الدكتور قيس بن محمد المبارك عضو هيئة كبار العلماء مما يعمد إليه بعض الناس من التساهل في إطلاق عبارات التكفير على مرتكب الكبيرة في المجالس وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد الشيخ المبارك في تصريح لـ( الجزيرة) أن أهل السنة لا يصدرون في اجتهادهم إلا عن علم بالنصوص الشرعية ودلالاتها فيَرُدُّون المتشابه منها إلى المحكم ويقيدون مطلقها إذا جاء ما يقيِّدُه، فكُتب أصول الفقه حوَتْ باباً عنوانه باب التقليد والاجتهاد، فلم يتركوا الفقيه سبهْللاً بل أصلوا القواعد والضوابط ليسير الفقيه في اجتهاده سيراً منضبطاً على هُدَى وبصيرة.
وأوضح أنَّ الاجتهاد بلا أصولٍ والضوابط ليس اجتهاداً بل هو حَزْرٌ وحدْس وتخمين، فاجتهاد العاميِّ تخمينٌ وذوقٌ وهوى، ولذلك سمَّاهم علماؤنا: أهل الأهواء، وهو بابُ الشَّطْحِ وعنوانُ الفوضى في الفتوى، فتجد الجاهل حين يقرأ قولَه تعالى {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قد يبادر بتكفير مرتكب الكبيرة استناداً لفهمِه السقيم لهذه الآية الكريمة، وهذا قولٌ باطل وخروج عن الإجماع، فقد اتفق أهل السنة على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كما قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور:
«فَلِلَّهِ مداركُ أهل السنة كيف اهتدَوا إلى عدم تكفير مرتكِب الكبيرة». وقال الشيخ المبارك: الاجتهاد إن صدر عن علمٍ وكان مستنِداً للأصول كان سبباً للنبوغ بخلاف اجتهاد الجاهل، وقد رأينا فِرَقَ الضلال حين تساهلتْ في ضوابط الاجتهاد صدرَتْ اجتهاداتهم عن هوىً وتشفٍّ، والعجيب أنَّهم حين فتحوا باب الاجتهاد بلا أصولٍ ولا ضوابط أثَّموا المخطئ في اجتهاده وجعلوا خطَأه سبباً في تضليله ثم استباحوا دمَهُ وهذا غاية الخذلان.