جاسر عبدالعزيز الجاسر
حركت عملية أبها الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش عبر أحد المغرر بهم والذي وجه من خارج الحدود، حركت الجهود الإقليمية والدولية تشكيل جبهة دولية فاعلة ضد داعش أكثر نجاعة من التحالف الذي اكتفى بتوجيه ضربات جوية.
التحركات الدولية والإقليمية تستهدف تشكيل تحالف دولي وإقليمي بقيادة المملكة العربية السعودية وتشارك في هذه الجهود الدولية روسيا إضافة إلى تركيا، وأن تتضافر الجهود لمحاصرة داعش وأخواتها من المنظمات والميليشيات الإرهابية.
وقد شهدت عواصم ومدن دولية وإقليمية لقاءات طرحت فيها مقترحات لعل من أهمها الاجتماع الذي جمع الرئيس بوتين بالأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع في المملكة والاجتماعات الأخرى التي أعقبت ذلك الاجتماع وصولاً إلى الاجتماع الثلاثي الذي جمع وزراء خارجية المملكة وروسيا وأمريكا.
لقاء لافروف وجبير بحضور كيري في الدوحة والاجتماع القادم غداً الثلاثاء في موسكو بين وزير خارجية المملكة الأستاذ عادل جبير ووزير خارجية روسيا لافروف، جعل المراقبين السياسيين في روسيا يقولون إن مبادرة بوتين لمكافحة الإرهاب والبدء في مواجهة داعش جماعياً ليست روسية بحتة، وإنما جرى التنسيق بشأنها عندما التقى الرئيس الروسي بوتين وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة سوتشي في شهر أيار - مايو الماضي، أي أنها محاولة روسية - أمريكية عملت على إقناع دول المنطقة وإشراكها في جهود مواجهة الإرهاب.
وقد تركز الجهد الأمريكي الروسي على المملكة العربية السعودية لقيادة الجهود الإقليمية في هذا الصدد، وجعل (الحرب على داعش) مقدماً على غيره؛ ويبدو من تعدد الاجتماعات مع الجانب الروسي أن الجميع بات متأكداً من الإرهاب شر مطلق يطل بغدره على الجميع.. ولهذا فإن الأطراف الإقليمية والدولية لا تريد أن تنشغل بأمر آخر قبل أن تتخلص من داعش؛ وبعد ذلك تعالج الأزمات الإقليمية الأخرى، وبالذات الأزمة في سوريا التي أظهرت جميع الأطراف الإقليمية والدولية المشاركة بدرجة أو أخرى في الصراع حول سوريا متفقةً حالياً على مبدأ الحل السياسي، وأن لا بديل عنه للأزمة.. وأن سخونة المعارك الدائرة على الأرض السورية تؤكد ذلك وليس العكس كما يبدو ظاهرياً لأول وهلة، إذ إن هذه المعاركة التي تزداد حدتها وضراوتها تمهد للحظة الحسم في المفاوضات والمقاربات المتعددة حول سوريا.
وينقل الدكتور سعيد طانيوس من داخل المسرح الروسي السياسي قوله: بأنه لاشك في أن صيف العام الجاري شهد ارتفاعاً ملحوظاً في حمى الجدل الدائر حول سيناريوهات حل الأزمة السورية، وذلك منذ لقاء بوتين وكيري في مدينة سوتشي، ولقاء بوتين وصاحب السمو الملكي ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في بطرسبورغ ثم التوصل إلى اتفاق فيينا بشأن النووي الإيراني، ولا يقل أهمية عن ذلك ما يتردد أيضاً داخل الكواليس الروسية بشأن افتراض (تعب) عناصر مشاركة في الحكم، وما يؤكد هذا الاستنتاج إعلان «دمشق ومسقط» يوم الخميس أهمية تضافر الجهود البناءة لإنهاء النزاع في سورية، خلال الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير الخارجية السوري وليد المعلّم إلى دولة خليجية منذ بدء النزاع في بلاده قبل أكثر من أربع سنوات.
وكان لافتاً تأكيد المعلّم خلال لقائه ونظيره العماني يوسف بن علوي في مسقط، أن الوقت حان لتضافر الجهود البناءة لوضع حدٍّ للأزمة في سورية على أساس تلبية تطلعات السوريين لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية.. وهذا الإعلان يحمل في طياته لهجة جديدة من النظام السوري، تصل إلى حد الاستغاثة بدول الخليج للمساعدة في رؤية نور في نهاية نفق هذه الأزمة التي أنهكت الحجر والبشر في سورية.