د.علي القرني
هناك للأسف من يقرأ بعض الكتب والمقالات بالمقلوب..
لقد تم وبشكل واسع جدا تداول مقال الأسبوع الماضي عن (سقوط الجامعات السعودية: ألف مبروك) بالمقلوب والبعض رأى وكأني أحتفي بتأخر جامعاتنا في أي تصنيف عالمي،
والحقيقة إن ما أردت أن أوصله من رسالة للجامعات ولمن يهمه أمر الجامعات إن جامعاتنا تقع في منطقة خطرة وربما في طريقها للتراجع، وهذا هو مصدر خوفي منذ سنوات. وإذا كان تصنيف ويبوميتركس الاسباني وهو الأقل أهمية من بين التصنيفات العالمية أحدث ضجة كبرى قبل سنوات في طول المملكة وعرضها وأفرز عن تداعيات ايجابية كبرى بدعم الجامعات من الدولة في حراك تطويري هائل، فإن تصنيف CWUR التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية أولى به أن يحدث هذه الضجة التي أحدثها تصنيف ويبوميتركس بغض النظر عن مصدر هذا التصنيف.
وإذا كان التصنيف الاسباني كان تركيزه الأساسي على حجم الحراك داخل المواقع والبوابات الالكترونية للجامعات فقط، فان تصنيف CWUR لها ثمانية معايير وهي أفضل، ومعظم معاييره تتركز على الجوانب الأكاديمية، كما يوضح ذلك الموقع الالكتروني للتصنيف:
- جودة التعليم: نسبة خريجي الجامعة ممن فاز بجوائز عالمية.
- مستوى الخريجين: ممن اشتغل بإدارات تنفيذية في شركات عالمية.
- مستوى أعضاء هيئة التدريس ممن فاز بجوائز عالمية وميداليات.
- نسبة النشر في مجلات مرموقة.
- نسبة النشر في مجلات ذات تأثير عالمي.
- نسبة الاقتباس العلمي من منشورات أعضاء هيئة التدريس.
- مؤشر H لقياس جودة البحث وانتشاره لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
- براءات الاختراع.. عدد براءات الاختراع الدولية.
ولو افترضنا دقة هذه المعايير فإننا سنكون أمام تصنيف جديد يضاف إلى باقي التصنيفات العالمية بغض النظر عن موطن المركز الذي يصدره؛ سواء كان في شنقهاي أو في جدة أو أي مكان آخر. فإذا كنا نسجل ارتباكنا أمام التصنيفات الأخرى كالاسباني الذي يأخذ فقط في الاعتبار عن حجم المواقع الالكترونية للجامعات فإن أي تصنيف آخر يتعدى ذلك إلى معايير أكاديمية أولى أن نهتم به، ولا سيما أن تصنيف الجامعات العالمية لم يطرأ عليها تغيير يذكر.
إن هدفي من مقال الأسبوع الماضي هو تحفيز مؤسسات الدولة في دعم الجامعات السعودية في سعيها نحو التطوير، وينبغي أن نضع جانبا تلك المقالات والتغريدات التي أطاحت في السنوات الماضية بهكذا دعم كان يأتي من رجال الأعمال على سبيل المثال. فقد توقفت الكثير من مشروعات الأوقاف الجامعية ولم تكتمل بسبب التشكيك في النوايا والجهود التي كانت كل جامعة تبذلها في عمليات التطوير. كما إن عمليات زرع الإحباط والتشكيك قد أدت إلى تراجع جهود الجامعات وتراخي عزائمها في التطوير والصعود في سلم التصنيفات العالمية.
لقد شهدنا مؤخرا تراجع بعض الجامعات السعودية في بعض التصنيفات العالمية، وهذا ما شكل لي الخوف من أن مثل هذا التراجع قد يؤدي بالضرورة إلى تراجع باقي الجامعات، وهذا بلا شك سيشكل انتكاسة كبيرة لواقع التعليم الجامعي في المملكة. ولو استطعنا أن نبقي الزخم الصاعد الذي كنا فيه خلال السنوات الماضية لكانت بعض جامعاتنا ربما بين أفضل مائة جامعة، ولكان ذلك ادعى بأن تتنافس جامعاتنا فيما بينها لإحداث حراك تطويري هائل في المجتمع.
وكنت أتمنى أن نستثمر نتائج مثل هذا التصنيف لنضع النقاط على الحروف ونستدعي مزيدا من الجهود لتطوير جامعاتنا وتعزيز مكانتها بين الجامعات العالمية ونرمى بقايا الماضي المحبط الذي أثر على سمعة جامعاتنا في المجتمع وشكك في جدارتها وتميزها.
وختاماً، ولهؤلاء الذين حاولوا أن يرموا بمشاكل المجتمع كالبطالة والتوظيف أو الاحتيالات العلمية أو الشهادات الوهمية أو غيرها على التصنيفات فهذا يتعدى حدود التحليل الذي كنت أحاول أن أضعه تفسيراً لظاهرة تراجع الجامعات في التصنيفات العالمية، كما إنني لا أشكك في التصنيفات أيا كان مصدرها حتى يثبت عدم مصداقيتها وتعريتها، والمهم هنا هو أن نتقدم دائما، وهذه رسالتي التي ربما لم يفهمها أو يتفهمها بعض الكتاب والمغردين..