تعليقاً على مقال (الهواتف الذكية في المتحف) للدكتور فالح العجمي فسأبدأ من حيث انتهى إليه الآخرون لاستخدام الواتس اب الذي يعد أنيس المجالس في مجتمعاتنا، وأنيس الوحدة في خلواتنا، كيف لا وتلك التقنية قربت البعيد وجمعت الأهل والأصدقاء تحت مظلة واحدة، وهذه بحد ذاته خطوة إيجابية جدا. قبل أيام كان هناك تحديث للواتس اب على إثره هبت موجة عنف واستياء وجدل من قبل مرتادي شبكات التواصل، بأن التحديث يعد انتهاكا واقتحاما لخصوصية ومعرفة وضعية الشخص فور استلامه الرسالة، هل قرأها أم تجاهلها، إلى جانب تداول الصور والمقاطع المسيئة. وبغض النظر عن ذلك، للواتس اب منحى إيجابي وآخر سلبي، ومن أراد الإساءة أو المنفعة استطاع، فاختيار طريق العبور هو من يحدد سلوكك ومسلكك. التقنية أصبحت شماعة لسوء استخدامنا لها، فهي تعد حرية شخصية، ولا أعلم ما هو الجديد في الأمر، التحديث موجود في البلاك بيري منذ سنوات عديدة، فلماذا ثارت حفيظة المجتمع إزاء هذا التحديث؟ وفي الحقيقة يتعامل البعض مع التقنية بنوع من السلبية وللأسف الشديد، وما تداوله البعض كان بالفعل مسيئا جدا وكان فيه تشكيك في الآخرين، وهذا ما رغبت في تناوله اليوم، حسن الظن بالله ثم بالآخرين، والتماس العذر مهما كان، وبما أنك أرسلت في الوقت الذي يناسبك سيكون الرد في الوقت المناسب له، فلا شيء يستحق العتاب. والسؤال العابر الآن حول كلمة انتهاك الخصوصية فقط، أليست موجودة من قبل؟ لا نعلم أين نحن الآن، ولا أدري ما الذي أصبح يشغلنا، ومع الأسف الشديد يبدو أننا تجاوزنا مرحلة اللاوعي في هذا الانحدار، ولا بد أن ننمي فينا وفي مجتمعنا ثقافة قبول العذر والاعتذار واستباحة ذلك، وأن هناك حريات شخصية متى يتسنى للفرد الرد ومتى يكون عدمه، وبالتالي التماس العذر مطلوب، فربما كان لديه ظرف ما منعه من الرد تلك اللحظة، ولديه ما هو أهم من ذلك. لا بد أن نقيس استخدام الواتس اب بصفة عامة على غرار وضعية الاستئذان وطرق الباب للدخول، وللمضيف حق القبول أو الرفض.
صراع التقنيات في الوقت الحالي في تضارب وفي معارك حامية الوطيس، وفي الوقت الذي أشعلت فيه فتيل الحرب هناك تقنية مضادة بواسطة خيار مهم من خلال الإعدادات، يجعل للمستخدم الحرية في تشغيل ميزة قراءة الرسائل من عدمها والرد ويكون للمستخدم الحق في الحفاظ على خصوصيته بشكل كامل، وإلا فإن الهجرة من الواتس اب إلى تطبيقات بديلة عنه ستبقى مستمرة، وسنظل أسيرين لذلك الصراع ما لم نعرف أهمية وجوده والهدف منه. وسأهمس للجميع! يحسن الالتفات إليها كظاهرة يجب العمل على التقليل من تبعاتها
ونرتقي بتفكيرنا، فمن ابتلي بهذا الداء فهو فقير في العلاقات الودية بين أهله، وأي مجتمع يتمحور فيه، علينا أن نوظف التقنيات بتعزيز استخدامها واللحاق بالركب، وندع الركض وراء أمور لا تزيدنا إلا إسفافا وهوانا! فرب كلمة ألفت القلوب، ورب أخرى أوجدت التنافر، وكما قيل: احذر لسانك أن تقول فتبتلى فإن القدر موكل بالمنطق، فالعقول المسيئة للظن دائما لا تستوعب النية الحسنة.
أريج زياد عنبرة - الرياض