د. حمد بن محمد آل فريان
لقد كان موهوباً، وكان قدره أن يواجه المشكلات السياسية المعاصرة المعقدة، وكان ذلك امتحاناً صعباً تجلت خلاله قدراته وتفوقه، وكان موفقاً في معالجاته قولاً وعملاً، ليس في المحيط العربي فحسب، بل كان بارزاً ومشرفاً في المحيط الإسلامي والعالمي بجدارة واقتدار شهد له بذلك حقاً النجاحات التي أسهم فيها بنصيب وافر عقلاً وحكمةً وبعد نظر، ولا يعزب عن ذهن الباحث جهوده الموفقة في مؤتمر الطائف الذي نتج عنه حل المعضلة اللبنانية المزمنة والمؤلمة والتعيسة، ولا يخفى على الباحث أيضاً جهوده المعروفة الناجحة في حل مشكلة الدولتين الشقيقتين دولة المغرب ودولة الجزائر حيال قضية الحدود وقضية الصحراء المغربية التي كادت أن تنفجر فتحرق نارها الأخضر واليابس، وعلاوة على هذين الموقفين الكبيرين واجهته مواقف أخرى كثيرة لا يقل دوره الإيجابي حيالها عن دوره الميمون فيما أشير إليه.
وفي السياق نفسه يروي القريبون من الفقيد من موظفي الخارجية كما يروي غيرهم جوانب مضيئة من سيرة الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - تتمثل في حزمه ودهائه وحرصه على وقته في العمل، ودأبه ونشاطه الذي لا يكل ولا يمل في سبيل خدمة دينه ودولته ووطنه. وفيما يخص المحافل الدولية والقضايا العربية والإسلامية كانت له مواقفه المقدرة من الجميع، ويقولون إن شعوره العميق بالمسئولية أسهم في حرمانه من الراحة ومتع الحياة التي أتيحت لنظرائه في العمل في دول العالم.
لقد أسهم واقعه المشرف والفريد في إثراء مركز المملكة وقيمتها عربياً وإسلامياً ودولياً، وفوق ذلك فقد لفت الأنظار إلى عظمة أمته وأنها بحق تلد العظماء وأنها عظيمة وتذكر الناس عظمة المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - وعظمة من خلفه من أبنائه ومن بينهم الملك فيصل بن عبد العزيز - رحم الله الجميع وجزأهم الله عن أمتهم وعن أمة الإسلام أحسن الجزاء وأكمله.
ولا شك أن فقد الأمير سعود الفيصل ثلمة في تاريخ أمته نسأل الله تعالى أن يجزل أجره ويرفع درجته في الصالحين إنه على كل شيء قدير، كما نسأله سبحانه أن يديم على هذه الأمة أمنها واستقرارها وثباتها على الحق وأن يحفظ ولاة أمرنا من كل سوء ومكروه.