جورج وويدون سميث ">
الفصل الثامن
31 أكتوبر : تلقيت رسالة من مديرنا السيد بيركب يقول فيها إنه يعرف مكاناً قد يكون مناسباً لابننا العزيز لوبين، الأمر الذي واساني قليلاً بعد خسارتي لقسم كبير من مفكرتي، ومن الواجب أن أعترف بأن الأسابيع القليلة الماضية قد كرستها لتدوين الردود المحبطة التي تلقيتها من الشركات التي راسلتها بحثاً عن عمل للوبين.
جاءت السيدة بيريل وفي رد على سؤالي قالت إنها لم تر أي مفكرة، ناهيك عن مساسها! فقلت إنني عازم على معرفة من فعل ذلك، عندئذ أبدت استعدادها لمساعدتي لكنها تذكرت قليلاً أن منظف المداخن قد أشعل النار، فأرسلت في طلب منظف المداخن غداً. ليت كاري لم تعط لوبين مفتاح الباب الرئيسي، لأننا لن نراه بعد ذلك، لقد انتظرته حتى الواحدة ولم يأتِ فذهبت للفراش متعباً.
1 - نوفمبر : جاء منظف المداخن، وكان جسوراً كفاية ليقف بباب الصالة ويضع كيس سخامه القذر على العتبة، لكنه مع ذلك كان مهذباً جداً، ولم أستطع تقريعه. قال : إن خادمتنا سارة هي من أشعل النار، ولسوء الحظ سمعته سارة يقول ذلك لأنّها كانت تمسح الغبار عن الدرابزين، فنزلت مسرعة وهي تستشيط غضباً منه وتريد أن تتشاجر معه، لم أكن أرغب في حدوث هذا، لذا طلبت منها أن تهتم بعملها واعتذرت من منظف المداخن لأنني سببت له المتاعب، ولنفسي أيضاً، فقد كانت العتبات مغطاة بالسخام نتيجة زيارته. أنا على استعداد أن أعطي عشرة شلنات لمعرفة من مزق مفكرتي.
2 - نوفمبر : قضيت الأمسية بهدوء مع كاري التي لا أمل صحبتها. لقد دار بيننا حديث ممتع للغاية حول الزواج ومتى يعد فاشلاً؟ لكنه في حالتنا ليس كذلك مطلقاً. لم ننتبه إلى أن الوقت قد تجاوز منتصف الليل ونحن نتحدث عن تجربتنا السعيدة، وفزعنا لسماع أحدهم يصفق الباب بعنف. لقد جاء لوبين. لم يكلف نفسه عناء إطفاء مصباح الغاز في الممر، ولا حتى أن ينظر إلى الغرفة التي كنا نجلس فيها، لكنه اتجه مباشرة إلى فراشه محدثاً ضجيجاً فظيعاً. طلبت منه أن ينزل لدقيقة لكنه طلب مني أن أسمح له بالانصراف لأنه منهك للغاية، الأمر الذي لا أراه يتطابق مع كونه ظل بعد ذلك لربع ساعة يرقص بحماس في غرفته ويصرخ : انظروا إليّ، أنا أرقص البولكا! أو شيء مماثل لهذا الهراء.
3 - نوفمبر : هناك أخبار سارة أخيراً! رتب السيد بيركب موعداً للوبين وعليه أن يذهب يوم الاثنين. أوه! كم أشعر بالراحة الآن. ذهبت إلى غرفة لوبين لأنقل له الأخبار المفرحة، لكنه كان في فراشه ويشعر بالتوعك، ففضلت تأجيل الحديث حتى المساء. قال : إنه الليلة الماضية اختير ليكون عضواً في نادٍ للتمثيل يدعى نادي هولواي الكوميدي، ورغم أنها كانت أمسية سارة إلا أنه أصيب بألم عصبي في رأسه ورفض تناول الإفطار لذا تركته وشأنه. قلت له مساء : لوبين يا بني، لديّ أخبار طيبة لك، لقد رتب لك السيد بيركب موعداً، فقال : رائع! أنا أيضاً أحمل لكما بعض الأخبار الطيبة غير المتوقعة.
كانت لديّ بعض المخاوف وبدا أن كاري كانت مثلي أيضاً لأنّها قالت : لنأمل أن تكون أخباراً سارة فعلاً. فقال لوبين : أوه. كل شيء على ما يرام، لقد خطبت وأنوي الزواج!
5 - نوفمبر الأحد : أصبنا بالكدر من خطبة لوبين وعزمه على الزواج دون الرجوع إلينا. أخبرنا بالتفاصيل بعد العشاء، وقال : إن السيدة تدعى ديزي مولتر، وأنه لم يسبق أن قابل فتاة أكثر لطفاً وجمالاً وكمالاً منها، وأنه وقع في هواها منذ وقعت عينه عليها، وإن كان عليه الانتظار خمسين عاماً فسينتظرها، ويثق بأنها ستفعل مثله. قال لوبين بعد ذلك بكثير من اللطف إن العالم قد أصبح مختلفاً، لقد صار عالماً يستحق أن يعيشه، وإنه يعيش لهدفٍ الآن وهو أن تصبح ديزي مولتر زوجته، وهو يضمن أنها لن تخزي آل بوتر. وعندها انفجرت كاري بالبكاء وعانقته فسكبت كأس العصير الذي يحمله على بنطاله الفاتح الجديد. قلت إنني واثق بأننا سنحب الآنسة مولتر، ولكن كاري قالت إنها أحبتها فوراً، ووجدت قولها سابقاً لأوانه لكني آثرت الصمت. كانت ديزي مولتر هي محور حديثنا الوحيد لبقية اليوم، فسألت لوبين عن عائلتها فقال : أوه، تعرف مولترو وليامز وواتس. لكني لا أعرفهم وآثرت أن أكتفي بهذا القدر من الأسئلة حالياً خوفاً من أن أثقل على لوبين.
6 - نوفمبر : جاء لوبين معي إلى المكتب تحادث طويلاً مع السيد بيركب، ووافق بعدها على وظيفة في شركة جوب كلينناندز وشركاه، أو ستوك آند شير بروكرز. أخبرني لوبين بشكل خاص أنها شركة إعلانات وأنه لا يفضلها كثيراً، فقلت : ليس للمتسول حق الاختيار! وسأكون منصفاً إن قلت إن لوبين كان خجلاً من نفسه. ذهبنا لزيارة آل كومينجز مساء، لنشعل بعض المفرقعات النارية، لكنها بدأت تمطر ووجدت الأمسية مضجرة بعض الشيء. لم تنطلق واحدة من مفرقعاتي فقال جوينج : اضربها بحذائك يا بني وستنفجر عندها، فركلتها عدة مرات بطرف حذائي فانفجرت محدثة ضجة عالية وأحرقت أصابعي كثيراً، وأعطيت بقية المفرقعات لولد كومينجز الصَّغير ليطلقها.
7 - نوفمبر : طلب لوبين من كاري أن تدعو السيدة مولتر، لكنها قالت إن على السيدة مولتر أن تدعوها أولاً، وكنت متفقاً مع كاري في هذا، وهو ما قادنا إلى جدال. أنهت كاري ذلك بقولها إنها لم تعثر على أي بطاقات دعوة وأن علينا أن نطبع بعضها وحين تصلنا سيكون هناك وقت كافٍ للتباحث بهذا الأمر.
8 - نوفمبر : طلبت أن تطبع بطاقاتنا في مطبعة بلاك، لقد طلبت 25 بطاقة لكل منا، وستكفينا لوقت طويل. جلب لوبين هاري مولتر أخا الآنسة مولتر مساء، لقد كان شاباً غبياً لكن لوبين يقول إنه الشاب الأكثر شعبية وأفضل الهواة في نادي هولواي الكوميدي. همس لنا لوبين أن نحاور هاري قليلاً لأنه سيجعلنا ننفجر من الضحك. قام الشاب مولتر ببعض الأمور المسلية على العشاء، فقد التقط سكيناً وعزف نغمة بطرفها المسطح على خده بشكل رائع، كما قلد رجلاً عجوزاً بلا أسنان يدخن سيجاراً، أثارت هيئته وهو يوقع السيجار ضحك كاري. خلال الحديث ذكر اسم ديزي، فقال الشاب مولتر إنه سيحضر أخته ذات مساء، لأن والديه من الطراز القديم ولا يحبان الخروج كثيراً، فقالت كاري إننا سنقيم حفلة خاصة صغيرة. لا يبدو أن الشاب مولتر ينوي المغادرة والساعة تقترب من الحادية عشرة، ولمحت لذلك قائلاً : للوبين إن عليه النهوض باكراً غداً، وبدلاً من أن يفهم التلميح، بدأ مولتر سلسلة من الحركات الهزلية، واستمر في ذلك طوال ساعة دون توقف، وكانت كاري بالكاد تستطيع فتح عينيها، ثم اعتذرت أخيرا وقالت : ليلة سعيدة. ثم غادر مولتر وسمعته ولوبين في الصالة يتهامسان بشيء ما حول نادي هولواي الكوميدي، وكم دهشت لرؤية لوبين يضع قبعته ومعطفه ويغادر مع رفيقه الجديد رغم أن الوقت قد تجاوز منتصف الليل.
9 - نوفمبر : ما زالت محاولاتي لمعرفة من مزق صفحات مفكرتي عقيمة. كنا نرى لوبين قليلاً هذه الأيَّام - عدا أوقات الوجبات - لأنه كان هائماً بديزي مولتر. زارنا كومينجز.
10 - نوفمبر : يبدو أن لوبين يحب وظيفته الجديدة وهذا أمر سار. كانت ديزي مولتر الموضوع الوحيد أثناء شربنا الشاي. إن كاري معجبة بها بقدر لوبين الذي أدهشني بقوله إنه سيكون له دور في مسرحية النادي القادمة، وإنه سيلعب دور بوب بريتشز في مسرحية ذاهب إلى أعمامي، أما فرانك مولتر فسيؤدي دور موستي العجوز. فقلت للوبين إنني لست مهتماً إطلاقا بهذا الأمر، وأنني لا أحب مسرح الهواة.
- بثينة الإبراهيم (بتصرّف)