ربما ">
كنت ذات يوم هنا...
أرقب عقارب الساعة تسير عكس اتجاه القطب
وكنت أكتب أني هنا...
أتأمل مفاجآت الشروق والغروب
وكنت أقول: إنني راحلٌ إلى مآلات الهروب
ربما تستوقفني اللحظة...
تنقر على باب الضحى نقرات المطر الهجين...
والسواد المرصع بالسديم...
لا شيء هنا...
لا شيء هناك...
سوى سوار من ورد يحيط بمعصم من حديد
تراه العين من الأفق البعيد
ربما...
أسأل لم أتيتِ آخر القادمين
ولم كنتُ أنا آخر القادمين
وكيف أننا التقينا عند منحنى الوداع خلسة
تلمحنا شفة وعين
كنت أقول أن الغروب قد حان...
وعلى الأشياء لملمة نفسها...
وعلى بواقي الذكريات الرحيل
حتى يطل فجرك الجديد...
كالحلم...
كساعة ميلاد طفل نحيل
لونه يا سبحان الله...
يشبه المستحيل...
ضحكته مواويل صبا ورجع ناي حزين
لكنه الطفل الذي لا يفتأ يبكينا
كلما فاض بالقلب الحنين
وكلما طاف بالبال صدى السنين
أكتب وأنا هنا...
ربما تصلك قصيدتي...
مبللة بماء وطين
وربما تكونين أنت...
آخر عذابات السنين
رؤى
وأنا أكتب عن رؤى...
أكتب على الريح
عن سنا حلم يداعبُ أجفان النعاس
قطعةُ بللور منثور على صفحة القلب
وشمٌ منقوش على خد غجرية
مثل ليلة العيد تشرق ضحكتها...
ياسمينة ريفية أنبتها السهل طلعتها...
نام في حضن عينيها الليل
شكا لها القمر غدر البرد
رؤى... ذات ليلة أتت تشكي
حبيباً هجر زماناً غدر وعداً رحل
أملاً ضاق به الضجر
تشكو وحدتها لليل...
والليل يعشقه السهر
تشكو غربتها للطريق
والطريق موطنه السفر
قالت...
خطيئتي أنني فتحت قلبي للشمس
وأحببت كل نجم وقمر
كنت أنتشي حين يتكوم على بابي الثلج
وكنت ألهو بكسر جذوع الشجر
حتى إذا ما أتى ذات يوم رجل
لا يشبه البشر... على هيئة نبي
وصورة ملاك
أخذ مني العين والبصر ورحل!
سرق حلمي وهجر
تبكي رؤى عمرها المسكوب
ودمعها المسفوح غدر
رؤى
امرأةٌ حائرةٌ بين الحياة وبين الموت...
تقف بين كفن وجسد
رؤى...
تأوي إلى العين كل مساء
تسأل الجفون عن سر التعب
رؤى...
تدخل القلب
تفتش حجراته
تشعل في دهاليز الروح عود ثقاب
فينبلج من سناها نور تستضيء به الحياة
رؤى.. مرآة من زجاج معشَق
قامة كتمثال من عاج
نغمة يشدو بها الريح على أطراف الغمام
رؤى.. حكاية من هذا الزمان
ما أتى بها من قبل زمان
رؤى ..قصة من ألف عام
لا ينتهي سردها
رؤى.. جمع حلم
ما أتى به المنام
رؤى.. الحقيقة والوهم والخيال
يعشقها الصمت
وتعشق الكلام
رؤى.. يسافر إثرها القلب
على جناح يمام
ويعود بعد ألف عام
- محمد الخضري