أدركت الطبقات المتوسطة والصغيرة المتحضرة خطورة الاعتماد الكلي على التجار أفراداً أو شركات في توفير مستلزماتهم الحياتية من سلع وخدمات وتسليمهم مقاليد مصالحهم ومستقبل مدخراتهم فقررت تلك الطبقات المستنيرة الاعتماد على نفسها والتعاون فيما بينها والعمل تحت مظلة نظامية لتوريد السلع بشكل جماعي للحصول عليها بالأسعار المناسبة وبالمواصفات الجيدة وفي الأوقات المناسبة من خلال التعاون الاستهلاكي, حيث أسسوا جمعياتهم التعاونية الاستهلاكية التي تشتري البضائع بسعر الجملة وتبيعها على أعضائها بسعر التكلفة الذي يتم احتسابه وفقاً لأصول المحاسبة التعاونية وبالتالي تمكنوا من كسر الاحتكار ومحاربة الغش وكبح جماح الأسعار.
وللأهمية نؤكد أنه بل من المفيد للسوق والاقتصاد الوطني أن يعمل القطاعان التعاوني والخاص جنباً إلى جنب مما يخلق حالات من التنافس الشريف لخدمة الوطن والمواطنين وفق شروط المنافسة العادلة في بيئة تجارية خالية من الاحتكار والغش والتطفيف والمبالغة في الأسعار.
وقد واكبت حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين هذا النهج فشجعت المواطنين على تأسيس جمعياتهم التعاونية وقدمت لهم الدعوم السخية والتسهيلات الكبيرة والمزايا التي لا يوجد لها نظير في جميع دول العالم ،كما أن مجلس الجمعيات التعاونية في المملكة قد أخذ على عاتقه تنفيذ سياسات الدولة للمساعدة على قيام الجمعيات التعاونية بواجباتها تجاه مواطنيها، وحرص على تنسيق الجهود فيما بين الجمعيات التعاونية لكي تتحقق للجمعيات فائدة الإنتاج الضخم ( Mass production ) الذي تتمتع به مؤسسات وشركات القطاع الخاص مما ينعكس إيجاباً على مصالح المواطنين ولما يشهده المجتمع السعودي من تحولات سريعة ومتتالية بسبب عوامل ومؤثرات داخلية وخارجية سيكون لها الأثر الكبير في صياغة مستقبل مجتمع المملكة ورسم خارطته الاقتصادية والاجتماعية وحرصا من الدولة أيدها الله على المحافظة على الأخذ بأساليب التجارب التنموية الناجحة في البلاد الأخرى, ولإدراكها أن البناء الاقتصادي لأي بلد عبارة عن مثلث أضلاعه هي القطاع العام والقطاع التعاوني والقطاع الخاص فقد أصدرت نظام الجمعيات التعاونية ( بثوبه الجديد ) لتشجيع تأسيس الجمعيات التعاونية ودعمها ومساندتها ( باعتبارها أدوات هامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية كما أنها أدوات فعالة في تجميع قدرات الأفراد وتحقيق أهدافهم من خلال تأدية الخدمات المختلفة , وهي قادرة على إحداث تغيرات لها أهميتها في تنمية المجتمع بكافة قطاعاته لتحقيق الأهداف التالية:
1-إحداث توازن النمو بين مناطق المملكة المختلفة
2-الحد من هجرة سكان الأرياف والقرى والمدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة
3- تنشيط جميع المهن (الإنتاجية والخدمية) لدعم الاقتصاد الوطني وتشغيل الطاقات الشابة السعودية من العمل في هذه المهن
4-حماية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خطر الإفلاس والتصفية وتنمية وتطوير أعمالها من خلال المشاريع التعاونية المشتركة
5-تلبية احتياجات الأسر المتزايدة لبعض الخدمات كالصيانة المنزلية والنقل داخل المدن
6-تعزيز قطاعات اقتصادية هامة مثل قطاع الزراعة والثروة الحيوانية وقطاع الإسكان التعاوني
7-تخفيف العبء على الجهاز الحكومي من أمور هي في حقيقة الأمر من مسئولية القطاع التعاونـي (على سبيل المثال لاالحصر ) كالخدمات الإرشادية والبيطرية وخدمات مكافحة الآفات الزراعية.
لقد دفعت المملكة نتيجة تخلف القطاع التعاوني ثمنا غالي وغال جدا من حساب مدخرات المجتمع السعودي ونتمنى تدارك مايمكن تداركه قبل أن ينعكس هذا التخلف ( لاقدر الله ) على الأمن والاستقرار الداخليين.
ومن هذا المنطلق ومن أجل تحقيق الأهداف الآنفة الذكر ولكي يكون القطاع التعاوني قادراً على تحقيق أهدافه فإنه لابد من إحداث تغييرات جذرية وهيكلية في البنيان التعاوني السعودي تتمثل في الإصلاحات التالية:ـ
1-تشجيع الجمعيات التعاونية المتشابهة في الأغراض على التعاون والتنسيق فيما بينها من خلال جمعيات مركزية
2-تشجيع تأسيس الجمعيات التعاونية ( الجهوية ) المتعددة الأغراض التي يؤسسها منسوبو جهات حكومية أو أهلية معينة
3- تشجيع قيام بنك أو بنوك تعاونية ( على غرار بنوك رايفايزن في ألمانيا والنمسا أو البنوك التعاونية العربية – مثلا) لتشجيع ذوي الدخول المحدودة وأعضاء التعاونيات على تنمية مدخراتهم و لتوفير السيولة اللازمة للجمعيات التعاونية لتغطية احتياجاتها التشغيلية
4- تأسيس صندوق حكومي للتنمية التعاونية لتمويل مشاريع الجمعيات التعاونية الرأسمالية والتشغيلية
5- تأسيس معهد للعلوم ا لتعاونية لإمداد الجمعيات والتنظيمات التعاونية السعودية بحاجتها من الكوادر الوطنية المؤهل.
عبدالله بن محمد الوابلي - رئيس مجلس الجمعيات التعاونية