محمد سليمان العنقري
تحظى المنشآت الصغيرة والمتوسطة باهتمام كبير فمنذ سنوات والحديث لا ينقطع عن أهمية دعمها بالاقتصاد السعودي على كافة المستويات وصدرت العديد من القرارات التي تؤسس لتعزيز دورها بالناتج المحلي وتعد هذه المنشآت ركيزة أساسية بالعديد من الدول ذات الاقتصاديات الكبرى فتصل لنحو 80 في المائة بالمتوسط من حجم اقتصادياتها وتشغل أكبر نسبة من الكوادر البشرية بتلك الدول كاليابان والصين وأمريكا وأوروبا.
ومن الواضح أن الاتجاه العام بالمملكة يضع دعم هذه المنشآت كأولوية أساسية للنهوض بقطاع الأعمال وزيادة الناتج المحلي غير النفطي من خلالها حيث لا تشكل حاليًا أكثر من 35 في المائة من حجم الاقتصاد وعددها قد لا يتعدى 30 ألف منشأة وفق بعض الإحصاءات بالوقت الذي يصل عددها بالاقتصاديات المنافسة عالميًا إلى مئات الألوف، ومن دلالات الاهتمام محليًا بها صدور العديد من الأنظمة والقرارات التي تسعى لرفع نسبة تمثيلها بالاقتصاد بل تم أيضًا التعاون مع دول رائدة بمجال توسيع قاعدة دور هذه المنشآت وتملك تجارب ناجحة حيث وقعت المملكة مؤخرًا اتفاقيات عديدة مع فرنسا خلال زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان لها قبل أيام من بينها ما تم الاتفاق عليه من «تعاون فني في المجال الصناعي تتضمن التعاون في تنمية الصادرات الصناعية وزيادة حجم التجارة البينية وتبادل المعلومات التجارية والصناعية والخبرات فيما يتعلق بالسياسات الصناعية والإبداع للإسهام في مساندة وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة «.
ومن المتعارف عليه بأن التوسع بحجم المنشآت الصغيرة والمتوسطة يتطلب جهودًا جبارة ووقتًا طويلاً حتى تثمر كل الخطط التي توضع لنجاحها ويلاحظ أن الآراء من قبل المختصين وأصحاب هذه الأعمال ما زالت تكرر الإشكاليات نفسها التي تواجه هذه المنشآت منذ فترة طويلة وتتمحور حول ضعف التمويل وعدم وجود دراسات جدوى عملية بما يعكس أن هناك ضعفاً بقدرات الدور الاستشارية المختصة بدراسات الجدوي الاقتصادية إضافة إلى ما ذكر حول ضعف تأهيل من يتقدمون لافتتاح هذه المنشآت والحاجة كذلك لقرارات تسهم بنجاحها كالالتزام بنسبة من المشتريات الحكومية مما تنتجه هذه المنشآت من سلع وخدمات إِذ يعد ذلك ركيزة أساسية بتوسيع دورها ونشاطها إضافة إلى اضمحلال عدالة المنافسة مع المنشآت الكبيرة لصالح الأخيرة والمطالبات بإنشاء جهة مستقلة ترعى وتشرف وتدعم هذه المنشآت.
دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة قد لا يحتاج إلى الكثير من الشرح أو التذكير باهميتها لأي اقتصاد وبما أن المملكة تتجه للنهوض باقتصادها ليكون تنافسيًا محليًا وعالميًا وبما أنه تحقق تقدم كبير بمؤشر التنمية الاجتماعية خلال السنوات العشر الماضية حيث حصلت المملكة على الترتيب 34 عالميًا لتكون من دول التنمية المرتفعة جدًا إلا أن استثمار الإمكانات الهائلة في الاقتصاد يتطلب الإسراع في الاعتماد أكثر على الكوادر البشرية التي انفق الكثير على تأهيلها وتعليمها لتتحول إلى طاقة إنتاجية كبيرة من خلال دعم تأسيس هذه المنشآت بمختلف الطرق والوسائل التي يمكن تحقيق نتائج جيدة منها بسهولة باتخاذ قرارات تعطي الفرصة لها بأن تكون هي الأكثر نموًا بالقطاع الخاص وترفع من كفاءة الاستثمار والإنتاج وتتيح فرص عمل بمداخيل جيدة وتقلل الضغط على التوظيف والإنفاق بالقطاع العام ليتحقق التحول الاقتصادي المستهدف نحو إنتاجية كبيرة وتنافسية صحية.