سعد بن عبدالقادر القويعي
26 حزيران/ يونيو هو اليوم العالمي لمكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع بها، وهو التاريخ الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 42 - 112، الصادر بتاريخ 7 كانون الأول/ ديسمبر 1987م، بوصفه اليوم العالمي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها، كنتاج توصية صادرة عن المؤتمر الدولي المعني بمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها.
وتخصيصه من كل عام؛ ليكون يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات، أصبح ظاهرة عالمية لتوعية المجتمعات بأضرار الإدمان، والتعرُّف على العلامات التي تظهر على متعاطي المخدرات، وكيفية الوقاية من انتشار هذه المواد المدمرة للصحة والعقل.
رغم أن جيل الشباب أساس المستقبل، وهم الجهة المستهدفة من المخدرات، كونهم عدة الحاضر، وأمل المستقبل، إضافة إلى أنهم يشكّلون بقدراتهم وطاقاتهم الأكثر إنتاجاً وحيوية، إلا أن الواقع الأمني والمستجدات العديدة للظواهر الأمنية تؤكد أن ظاهرة تعاطي المخدرات تُعتبر جزءاً من ظاهرة الإجرام - بصفة عامة -بعد أن ارتبطت بجرائم الإرهاب الدولي، وتجارة السلاح، والرشوة، والفساد.. أي أن إساءة استعمال المخدرات لم تعد قاصرةً على شريحة الشباب من المجتمع بل تعدتها إلى سائر الفئات على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية.
ونظراً لكون ظاهرة المخدرات عالمية الملامح والأبعاد، فإن التكاتف الكوني في مواجهة أضرارها على العقل والجسد، كما على الدول والمجتمعات، ظاهرة إيجابية، تصب في مصلحة الشعوب والدول، وتستلزم تحفيز الهمم، واستنفار الجهود الفردية والمؤسسية كافة، باستخدام السبل والإمكانات كافة؛ من أجل مواجهة هذه الظاهرة، والسيطرة عليها، وخلق شراكة مجتمعية؛ من أجل نشر الوعي حول هذه الآفة.
في المقابل، فإن الدراسات التربوية تشير إلى أن التنشئة الاجتماعية السليمة تتطلب التواصل، والحوار المستمر مع الأبناء، وتقوية الإيمان والوازع الديني، والقدوة الحسنة من قبل الوالدين وأفراد الأسرة البالغين؛ لما لها من الأثر الكبير في تشكيل سلوك النشء، مع الحرص على استخدام أسلوب الحزم، والمودة، والابتعاد عن التدليل والتسلط المفرطَين. كما أن الجو الأسري الآمن الذي يسوده المحبة والوئام، والخالي من المشاحنات والمنازعات، والبعيد عن التهديد، يؤدي إلى تماسك الأسرة، ويجعل كل فرد يحقق طموحاته ومستقبله. ومن الضروري - أيضاً - تشجيع الشباب من الجنسين على ممارسة هوايات مفيدة، والانخراط في مختلف الأنشطة الرياضية والترويحية الموجهة؛ ما يملأ أوقات فراغهم، ويبعدهم عن التفكير بممارسة العادات الضارة.
في سبيل المحافظة على صفو الأمن، والنظام العام، وعدم زعزعة نمط الاقتصاد الوطني، والتنمية المستدامة، والمحافظة على النسيج الاجتماعي، فإن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات تقوم على منع فرص عرض المخدرات؛ وبالتالي تضييق الخناق على الطلب عليها، والتصدي لها أولاً بأول لحماية مجتمعنا من مخاطرها. وهذا ما سعت إليه قيادتنا الرشيدة، وذلك من خلال تعزيز أوجه التعاون بين الجهات المتخصصة في هذا المجال، فضلاً عن تطوير التنسيق والتكامل والترابط فيما بينها، وعلى المستويات الوطنية كافة؛ حتى يتسنى تطويق هذه الظاهرة السيئة، وشلّ حركة مهربيها، والحد منها عرضاً وطلباً لبلوغ هدف إقامة مجتمع خالٍ - بإذن الله - من إساءة استعمال المخدرات، أو الاتجار غير المشروع بها، باعتبار أن مواجهتها هي مواجهة من أجل الحياة، ويكون التنسيق مع أجهزة مكافحة المخدرات على المستويين المحلي والدولي انطلاقاً من هذه الأسس، وتكريساً للجهود القائمة على مستوى الدولة للوقاية، والمكافحة، والعلاج.