محمد بن علي بن عبدالله المسلم
أجدني مضطراً للعودة لمقالتي السابقة (ماذا بعد استقبال خادم الحرمين الشريفين يا رجال الأعمال؟) المنشور بالعدد 15587؛ وذلك لأسباب، منها أنني لم أسمع من رجال الأعمال عن خطوتهم القادمة. وكذلك للاتصالات العديدة المؤيدة لما ورد بالمقالة من مقترحات، وأهمية سرعة تجاوب رجال الأعمال، ولطلب البعض مني تفصيل بعض القصور في الخدمات التي يعاني منها رجال الأعمال، وكذلك عدم تمثيل قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وما يعانيه من عقبات تحول دون نموه، وهو العمود الفقري لكل اقتصاد (يمثل بين 80 - 90 % من الشركات والمؤسسات).
إن عدم تقديم رجال الأعمال بعض مطالبهم يبدو لي أنه لسببين: الأول قصور المدة التي أُحيطوا بها بالتشرف بمقابلة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله -، والسبب الثاني (المرجح لدي) أنهم محاطون بالمسؤولين الذين لا يقبلون عادة انتقادهم، وكأنهم لم يُعيَّنوا لخدمة رجال الأعمال، وهم الشركاء الرئيسيون بالتنمية؛ وبالتالي أتمنى على سعادة رئيس مجلس الغرف السعودية وشيخ التجار الدكتور عبدالرحمن الزامل أن يتم تشكيل مجموعات عمل بالغرف الرئيسة لإعداد متطلبات ومقترحات جميع اللجان؛ لتقوم اللجان الوطنية بإعداد الدراسات اللازمة، وأن تشمل الدراسات الخدمات التي تعاني قصوراً؛ ويعاني منها المواطن، أو / ورجال الأعمال، مثل خدمات المياه التي تعاني منها المدن والقرى في مختلف أنحاء الوطن، والجميع اطلع على ما نشر عن نقص المياه منذ بداية الصيف، وهناك بيوت في الرياض كانت قبل تأسيس الشركة تحصل على المياه في الخزانات الأرضية والعلوية مباشرة، وتُسقى الآن بالوايتات التي تجوب شوارع الرياض، والتي لا يحصل عليها المواطن إلا بشق الأنفس. أما الاتصالات فحدِّث ولا حرج (الثابت منها والجوال)، وعدم وصول خدمة الثابت لبعض الأحياء أو المناطق في المحافظات أو بين المحافظات، وانقطاع الإرسال للجوال في بعض الأماكن حتى المأهولة منذ أكثر من نصف قرن!
كما يستفسر البعض عن عدم شمول الوفد الممثل لرجال الأعمال لممثليه للقطاع الاستشاري الوطني الذي يعاني من المعوقات ما لا يعلمه إلا الله، حتى من القطاع الخاص، ومخالفة الأجهزة الحكومية للأنظمة والأوامر السامية بإعطائهم الأولوية. والمصيبة غض المراقبين الماليين (وتمريرهم) وجميع الأجهزة الرقابية لهذه المخالفات. ولعل أول وليس آخر المخالفات عقد المليار ونصف المليار لوزارة الإسكان لإحدى الشركات الأجنبية!
كما أتمنى - بوصفي مواطناً - تجميع ملاحظات مجلس الشورى عن قصور الخدمات من قِبل رجال الأعمال، وتضمنيها لدراستهم.
ولا ننسى موضوع العمالة بشقيها (الاستقدام والتوطين)، التي أصبحت عوائق التنمية؛ وعلى رجال الأعمال التوسع في هذا المجال. ويجب ألا يفهم من ذلك أننا ضد التوطين، وإنما يجب وضع استراتيجية للتوطين بالكفاءات المؤهلة وذات الدخل الأعلى والأعمال ذات الدخول المنخفضة. وفي الوقت نفسه يجب وضع استراتيجية وطنية لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ لتكون نواة للتوظيف، كما أن على رجال الأعمال المصارحة، وألا يخافوا من قول الحق حول المعاملة التي يلقاها رجال الأعمال وعدم حصولهم على مواعيد لمقابلة المسؤولين حتى الصف الثاني والثالث.. فالمسؤول إما مسافر، أو في اجتماع (داخل وخارج الوزارة)، أو «اكتب ما ترغب وسيأتيك الرد»!! كما يجب دراسة ما نشر حول خروج نحو ثلاثين ألف مقاول من السوق، ما الأسباب؟ وهل لذلك دور في تعثر المشاريع؟ كما لا ننسى أهمية ربط مخرجات التعليم بحاجة السوق.
يا رجال الأعمال، إن الأمانة ملقاة على عاتقكم، وولي الأمر - كعادته - يولي الاهتمام بأمور الجميع.. أوعز لكم بتقديم دراساتكم لما تواجهونه من عقبات.
نظراً لقرب دخول شهر رمضان المبارك نسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع صيامه وقيامه. وسيتم احتجاب هذه الزاوية لنهاية العطلة الصيفية - بإذن الله تعالى -. وكل عام وأنتم بخير.