عبدالله العجلان
«الشباب سفراء لبلدهم ومجتمعهم، وعليهم مسؤولية كبيرة، فالنشء يتابعهم ويتأثر بهم، وعليهم أن يكونوا قدوة حسنة لهم، ويجب أن تعكس الرياضة أخلاق المسلم، والتنافس يجب أن تحكمه قيمنا وأخلاقنا وتعاليم ديننا التي تنبذ التعصب والتنافر بين أبناء الوطن الواحد، وبما يعزز الولاء والانتماء للوطن، فوطنكم محسود على نعم كثيرة حباه الله بها، منها التماسك والتلاحم في وجه كل من أراد به السوء..».
هكذا تحدَّث قائد الأمة ووالد الشعب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مع أبنائه الشباب والرياضيين أثناء استقباله لهم، وتشرفهم بالسلام عليه، والاستماع لتوجيهاته ونصائحه - أيده الله - الأسبوع الماضي. هي كلمات مختصرة، لكنها سامية ومؤثرة ومعبرة، ونابعة من قلب وعقل ملك عُرف بحكمته وحنكته، وبالحزم والعزم والوفاء لوطنه، والاهتمام بمصالح شعبه. وهي في الوقت نفسه رسالة واضحة مطالبون نحن جميعاً بالإلمام بها، وفَهم معانيها، وتطبيق مبادئها.
حين يلتقي خادم الحرمين الشريفين بمنسوبي الرياضة والشباب في هذه الظروف الحساسة التي نعيشها في مواجهة أطماع وأحقاد أعداء، لا يريدون الخير والأمن والاستقرار للوطن، فلهذا دلالة وتأكيد على اهتمامه - حفظه الله - بالشباب والرياضيين، وأن لهم دوراً كبيراً مهماً ومؤثراً على بناء ومسيرة وتنمية وحاضر ومستقبل الوطن في مختلف المجالات، وليست الرياضة وحدها، وكذلك مطالبتهم جميعاً بتحمُّل مسؤولياتهم والحرص على أداء واجباتهم بالشكل اللائق بمكانتهم وقوة تأثيرهم على سلوك وثقافة وتربية المجتمع، وتحديداً الجيل الناشئ..
هي رسالة من القائد الوالد سلمان العز والكرامة والمجد والشموخ، على الجميع رؤساء أندية وأعضاء شرف وإداريين ولاعبين ومدربين وجماهير وإعلاميين التعامل معها بمسؤولية، والالتزام بمضامينها على (السمع والطاعة)، وحتى لا تتحول الرياضة ومنافساتها إلى مخاطر ومفاسد وأعباء، ضررها على الوطن والمواطن أكثر من نفعها..
الكبار صاروا صغاراً!
جاءت ردود الأفعال على نتيجة وأحداث ما بعد فوز الهلال بكأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لتكشف الكثير من الواقع الحقيقي والمأساوي للوسطين الرياضي والإعلامي. ففي الوقت الذي بالغ فيه البعض من الهلاليين، ممن يحملون الصفة الإعلامية، في التشفي والشماتة و(الطقطقة) على النصراويين بطريقة مستفزة، لم نعهدها منهم طيلة بطولاتهم العديدة الماضية، وبلغة لا تنتمي للثقافة الهلالية التي دائماً ما تحترم الآخر المنافس، نجد في المقابل بعض المحسوبين على الإعلام النصراوي في دفاعهم المستميت عن تهور وتجاوز عبدالغني وعيد والراهب، وقد تحولوا إلى نصراويين أكثر من رئيس النصر ورمزه وصانع مجده الجديد الأمير فيصل بن تركي الذي اعترف بخطأ لاعبيه، ولامهم على تصرفهم، ورفض الاستئناف على قرار عقوبتهم..
ما يحدث يؤكد من جديد أننا نمر بأزمة، أو بالأصح فوضى في فهم المهنة الإعلامية، ضوابطها وقواعدها ومبادئها؛ ما جعل الكثير من الإعلاميين لا يكتفون بالانتماء والتشجيع للأندية، وهذا أمر طبيعي ومعقول، وإنما تطور إلى حد أن الإعلامي لا يعمل ولا يتفانى للجهة التي ينتسب إليها، سواء كانت قناة أو إذاعة أو صحيفة ورقية أو إلكترونية، وإنما للنادي، وبشكل دفعه إلى أن يسخّر موقعه الإعلامي لخدمته وبطرق بعيدة تماماً عن آداب وأخلاقيات المهنة..
للأسف الشديد، إن الوضع المأساوي لم يتوقف عند مراسلين أو مذيعين مبتدئين قليلي الخبرة، بل صرنا نقرأ ونسمع أنواع التناقضات والأطروحات المتعصبة من كتّاب رأي كبار، لهم مكانتهم وخبراتهم، يكتبون ويتحدثون بقناعات غريبة ومتباينة بحسب الأمزجة والأهواء والألوان، وليس تماشياً مع نوعية المواقف والأخطاء، وهذا بلا شك زاد الأمور تأزيماً وتعقيداً، بعد أن ضربوا بسمعتهم وتاريخهم وأسمائهم عرض الحائط، وانساقوا خلف شهرة فارغة ومبتذلة على حساب كرامتهم واحترامهم ومصداقيتهم وثقة المتلقي بهم.