عبدالله العجلان
لم يكن الحادث الدموي الإرهابي في القديح مؤلما لأسر الشهداء والمصابين وأهالي المدينة وحدها وإنما شمل وآذى كل أبناء الوطن بكل أرجائه ومكوناته وأطيافه، ليس فقط لوحشية المنظر وقسوة اختيار الوقت (صلاة الجمعة) والمكان (مسجد الإمام علي بن أبي طالب)، بل في كونه امتدادا لذات الجرائم الإرهابية والأفكار المدمرة التي طافت للأسف الشديد مدن الوطن واستهدفت الجميع، فلم تستثنِ المصلي في بيت الله، ولا الطالب في مدرسته، ولا الجندي المرابط على حدود الوطن، ولا المسؤول في مكتبه، جميعهم عند فئات الظلال سواسية..
لقد عانت المملكة كثيرا من آفة الارهاب، ونجحت بفضل الله ثم بجهود قادتنا ورجال أمننا في مكافحته والحد من انتشاره بالإجراءات الرسمية وتحديدا من قبل وزارة الداخلية والدور البارز لسمو ولي العهد وزير وزيرها وربانها الأمير محمد بن نايف، ولأن النزيف لم يتوقف والفكر الضال لم يرتدع رغم ما يبذل رسميا وأمنيا على مدى سنوات فمن الضروري أن نفهم سبب استمراره وتصاعد مخاطره وتنوع أساليبه، وأنا هنا ويشاركني الكثيرون نرى أن الوقت قد حان للتصدي له من جذوره ومسبباته قبل أن يصل مرحلة انفجاره..
أمام هذا الخطر المهدد لوحدة وأمن واستقرار الوطن والمواطن أتطلع إلى المسارعة في إقرار نظام حازم وقانون صارم يجرم كل من يتحدث أو يكتب أو يروج أو يؤيد في خطبة أو محاضرة أو فصل دراسي أو مقال صحفي أو برنامج تلفزيوني أو إذاعي كل ما له علاقة بلغة التكفير والإيذاء والعنف والكراهية أو إصدار أحكاما ضد أية فئة أو طائفة جماعات كانوا أو أفرادا، وللمعلومية الوضع لا يقتصر فقط على المسائل الدينية والمذهبية وإنما يمتد إلى ممارسة الإقصاء وتصنيف الناس ونشر الاحتقان في جواب أخرى فكرية وثقافية واجتماعية ورياضية, كتلك التي صرنا نسمعها ونشمئز منها في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج والمطبوعات والقنوات الدينية وحتى الرياضية، التي تحولت مؤخرا إلى مرتع لتكريس ثقافة الشتم والحقد والتعصب والعنصرية.
حمى الله الوطن قادته وشعبه وأرضه الطاهرة من كل عدو حاقد وكاره
بيانكم يدينكم!
ورد في بيان اتحاد الكرة الموجه للاتحاد الآسيوي ما نصه: {تابع الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم بعض الأخطاء التحكيمية المؤثرة التي باتت عنواناً للمعاملة التي تجدها أنديته من الحكام الذين يديرون مواجهاتها في دوري أبطال آسيا للمحترفين، والتي كانت سبباً رئيساً في فقدانها فرص المنافسة على البطولة،كما حدث لفريق نادي الهلال في نهائي النسخة الماضية، وهو ما يتكرر في النسخة الحالية بشكل يثير الاستغراب والتساؤل حول حقيقة ما يضر بالأندية السعودية في هذا المحفل الآسيوي {... كما تلاحظون يشير البيان الذي صدر قبل أيام وبعد ردود الأفعال الواسعة والغاضبة على ما حدث من أخطاء تحكيمية فادحة في لقاء الهلال أمام بيروزي الإيراني وتجاوزات خطيرة واستفزازات بشعة في المدرجات، يشير إلى الأخطاء التحكيمية التي تضرر منها الهلال في نهائي نسخة أبطال آسيا الأخيرة، السؤال: طالما أن اتحاد الكرة مقتنع تماما أن الهلال خسر هنا في الرياض نهائي بطولة آسيا بأخطاء تحكيمية فلماذا لم يحتج في ذلك الوقت.. ما سر صمته وعدم قيامه بدوره وواجبه في الدفاع عن حقوق ممثل الوطن طيلة الشهور الماضية؟!
كنا سنحترم ونثق ببيان اتحاد الكرة لو لم يذكر شيئا عن النهائي الكارثة، لكن عندما يعلن تذمره بأثر رجعي وبعد فوات الأوان وبعد أن تكاسل وعجز وتجاهل حينها كل ما تعرض له الهلال ولم يتكرم آنذاك في اتخاذ أي موقف يجسد مسؤولياته ويعبر عن رأيه فهذا أمر يدينه ويثبت ضعفه وتورطه في هوان أو ربما لا مبالاة ولا اهتمام بفريق سعودي تسرق منه بطولة (عيني عينك) ويكتفي فقط بأن يتحول إلى مجرد متفرج بدلا من أن يكون معارضا ومحتجا يطالب بالإنصاف وإحقاق الحق.
غياب اتحاد الكرة عن القيام بواجبه في ذلك النهائي الكارثة هو الذي جعل الاتحاد الآسيوي يتمادى بارتكاب الأخطاء ضد الهلال والأندية السعودية في مجال التحكيم وأيضا في القرارات الانضباطية، مقابل وقوفه متساهلا ومؤيدا ومباركا لسائر المخالفات الفاضحة والتجاوزات الوقحة والاعتداءات السافرة المؤذية التي باتت الشعارات المفضلة والسائدة والمتكررة في الملاعب الإيرانية..
الآن وبعد أن بلغ التمادي في الملاعب الإيرانية حدا تجاوز فيه الصراع والتنافس الكروي إلى التطاول على المملكة والإساءة المباشرة لقادتها ورموزها وشعبها وبشكل يتنافى مع مواثيق وانظمة الفيفا والرياضة بوجه عام، فإنه لا يجوز لاتحاد الكرة التوقف فقط عند هكذا بيان إعلامي هش لا يتضمن أية مواقف جادة ولا يطالب بإجراءات عملية فاعلة ونتائج ملموسة، كما يفترض منه اطلاع الاتحاد الدولي لكرة القدم على كل ما يجري وتزويده بملفات موثقة ومدعمة بالصور، وإذا لم يفعل هذا وإن كنت غير متفاءل بأنه سيفعلها فإن الإيرانيين ومعهم الاتحاد الآسيوي المشبوه سيكررون ذات الكوارث والممارسات الفجة.