عبد الاله بن سعود السعدون
السابع من يونيو يشكل تاريخاً غير عادي في ذهنية أي مواطن تركي في الداخل والخارج لتعرضه لاختبار صعب في الاختيار بين آلاف المرشحين للانتخابات البرلمانية مع تنافس شديد غير مسبوق في تسويقه في الشارع التركي لأهمية قراره هذا في رسم الشكل الدستوري لتركيا الجديدة فقد رافق التنافس الانتخابي بعرض برامج مغرية ومشجعة للناخب بإعطائه منحة نقدية في العيدين ورفع مستوى الحد الأدنى للأجور وشمول التأمين الصحي لكل مواطن وتقديم القروض والمعدات الزراعية لكل المزارعين بدون فوائد ومن أجل عرقلة فوز الحزب الحاكم (حزب العدالة والتنمية) وعدم حصوله على الأغلبية المطلقة (375 مقعداً نيابياً من أصل 555 مجموع مقاعد المجلس) .
يتنافس أربعة أحزاب رئيسية في هذه الانتخابات المفصلية وهي (حزب العدالة والتنمية والجبهة المعارضة له حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة الوطنية وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي كما تشكل حلف انتخابي حزبي السعادة حزب أربكان وحزب الاتحاد الكبير (المؤيد من جماعة الداعية الإسلامي فتح الله كولن المعارض للرئيس أردوغان).
الحزب الحاكم ورئيسه العام أحمد داوود أوغلو شكلوا غرفة انتخابية عليا من أجل الإشراف على مسيرة الانتخابات تحت مظلة الرئيس أردوغان والذي يمنعه الدستور من التدخل بسير الانتخابات بعد اختياره رئيسا للبلاد، ووضعت كل الإمكانيات المادية والبشرية والغطاء اللوجستي المتطور كل هذا الاستعداد العالي من أجل الفوز بالأغلبية المطلقة وتمرير مسودة الدستور الجديد وتغيير النظام السياسي للرئاسي عن طريق التصويت بمجلس النواب والأبتعاد عن إلزامية الاستفتاء في حالة عدم بلوغ الأغلبية المطلقة (375 مقعداً) أما الجبهة المعارضة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم فقد استنفرت كل قواها الانتخابية من أجل تراجعه من بلوغ الفوز المطلق وتطبيق النظام الرئاسي الجديد والذي يركز كل السلطات بيد الرئيس المنتخب أردوغان.
يلاحظ المراقبون السياسيون خلو 70% من المرشحين القدامى وظهور أسماء جديدة جلها من الاقتصاديين والتكنوقراط مع تكاثر نسبة النساء المرشحات للكتل السياسية المتنافسة وظهرت شخصية صهر الرئيس أردوغان (السيد براءت البيرق) كمرشح لقائمة حزب العدالة والتنمية وإحلاله بدلا عن السيد جلال إيرانجي الذي كان في حالة معارضة مع الرئيس أردوغان في داخل الحزب ووجد منتحراً في غرفة الفندق الذي يسكنه في أنقرة بعد إشعاره بأن صهر الرئيس أخذ تسلسله في القائمة الانتخابية.
الرئيس السابق عبدالله غول قرر عدم مشاركتة بالانتخابات حفاظا على وحدة حزب العدالة والتنمية الذي أسساه هو والرئيس أردوغان وتم الترشيح للدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو المرشح السابق للرئاسة في القوائم الانتخابية لحزب الحركة الوطنية المعارضة.
وقد أجمعت مراكز استطلاع الرأي التركية على أن هذه الانتخابات مصيرية وحاسمة والنزاع من خلالها حول أيدولوجية الدولة القادمة مابعد الانتخابات فإما أن تبقى علمانية أتاتوركية أو متغيرة نحو الرئاسية الإسلامية الأردوغانية.