يوسف المحيميد
صحيح أنّ السوق البترولية تعتمد على عوامل العرض والطلب في استقرار الأسعار أو نموها، وصحيح أنّ نمو الطلب العالمي خاصة من دول شرق آسيا كالصين وكوريا والهند، هو ما يدفع بالأسعار إلى الارتفاع، لكن في المقابل أيضاً فإنّ تطور التقنية والأبحاث في مجال استكشاف واستخراج البترول، يمنح العرض نمواً أكبر، قد يوازي نمو الطلب، أو يزيد عنه، لذلك تتباين الأسعار نتيجة لهذه العوامل، وغيرها من العوامل كالمخزون التجاري، أو عوامل طارئة كضرر الإنتاج في بعض المناطق والدول نتيجة الكوارث الطبيعية أو الحروب وعدم الاستقرار.
في الندوة الدولية السادسة التي نظمتها منظمة الدول المنتجة للبترول (أوبك) في فيينا، حضر موضوع التقنية وتطور التكنولوجيا، في استخراج البترول من مناطق لم تكن ضمن المتاح، حينما كانت الأسعار قديماً لا تتجاوز سقف الثلاثين دولاراً.
مع ارتفاع الأسعار قبل بضع سنوات، تصل إلى أربع أو خمس سنوات، دخل إنتاج البترول الصخري سوق الإنتاج الفعلي، وأعاد التوازن مع ارتفاع معدلات الطلب من الصين، ولا زالت فرص الاستخراج المنافس من أعماق البحار والمحيطات أمراً وارداً، في ظل أسعار مشجعة تضمن تغطية التكاليف العالية لاستخراج البترول من هذه المناطق.
ولعل أهم ما في السوق أنّ الأسعار تعود إلى طبيعتها واستقرارها، مع الوقت، وبشكل طبيعي، نتيجة خروج بعض المنتجين خاصة من المناطق ذات تكلفة الإنتاج العالية، حين يصبح أمر الإنتاج منها قياساً بالسعر المنخفض أمراً غير مجد، وهذا ما فعلته منظمة الدول المنتجة للبترول (أوبك) عند انخفاض الأسعار هذه المرة، خلافاً لما حدث قبل ذلك عند انهيار الأسعار عام 2008، أو قبل ذلك خلال 1999-1998 فالسعر هنا، والظروف أيضاً اختلفت، نتيجة دخول السوق الزيت الصخري، منذ نحو خمس سنوات، وهو الذي لا يمكن إنتاجه إلاّ في ظل الأسعار المرتفعة، كي يحقق ربحاً مقبولاً.
لكن التقنيات الجديدة في استخراج البترول، التي قد تظهر مع الزمن، قد تقلل من تكاليف الإنتاج، في المناطق ذات تكلفة الإنتاج العالية، فضلاً عن احتمالات تطور استخدام مصادر الطاقة البديلة أو المتجددة، مما يخفف الاعتماد على مصدر الطاقة التقليدي، وهو الوقود الإحفوري، وهذا يعني انخفاض الطلب، والتأثير على الأسعار من جديد، ولكن طالما أنّ تكلفة إنتاج الوقود التقليدي هي الأقل في مختلف مصادر الطاقة الأخرى، فإنّ هذا يضمن له الاستمرار لعقود قادمة كمصدر موثوق ورخيص الكلفة ومتوفر بشكل جيد.