هدى بنت فهد المعجل
تقريباً، أقوى الدوافع النفسية لدى الإنسان هو دافع التملك؛ يُدلل على ذلك ما يحدث بين الناس من صراعات حول التملك حيث إن المال رمز للقوة والسيطرة والقدرة كما وأن الفرد يحصل عليه بالقوة وبالسيطرة والقدرة أيضاً،
ومن ذلك النصب والاحتيال الذي قد يأتي معقداً بل أشد تعقيداً وعلى قدرٍ عال من الذكاء والابتكار وهو ما نراه في عصرنا الحالي عندما يتمكن المحتال النصاب من الاحتيال على ضحايا هم على قدر كبير من العلم والثقافة والتجربة، ومع كثرة النصب والاحتيال إلا أن الأشخاص لا يتعلمون؛ ربما لأن النصابين يجددون في وسائلهم المبتكرة للنصب أو لأن الناس «كما يرى بعض علماء النفس» لديهم قدر من الدوافع والاحتياجات يجعلهم لا يرون الواقع كما هو بل يرون احتياجاتهم فيندفعون بلا منطق نحو المصير المحتوم، خاصة أن كثيرا من النظريات الاقتصادية الحديثة أثبتت بأن الناس ليسوا دائما منطقيين في التعامل مع المال بل يحيط تعاملهم الكثير من المشاعر والانفعالات والتحيزات، وهذا ما يلعب عليه النصّابون، فقد عرفوا ذلك بفطرتهم الشريرة قبل أن يكتشفها العلم. وقد جمع بلوم سمات النصابين ووضعها تحت نمطين مشهورين من أنماط الشخصيات:
1- اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
2- اضطراب الشخصية النرجسية. ووجد أن اضطراب الشخصية النرجسية في عموم الناس في حدود 1%، أما في النصابين فنجد أن السمات النرجسية توجد في أكثر من 80% من الحالات، أما اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع فهو أيضا في حدود 1-3% ولكنه يوجد في النصابين بنسبة قد تصل إلى مائة بالمائة، وليس شرطا أن يوجد نمط الشخصية بالكامل ولكن على الأقل يوجد عدد من السمات المرتبطة بهذا النمط. وفي المجتمعات المتخلفة تكثر السمات النرجسية والسمات المضادة للمجتمع، وهذا يفسر لنا شيوع النصب والاحتيال فيها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لكنه لا ينفي حدوثها في غيرها من المجتمعات خصوصاً المجتمعات المتدينة كمجتمعنا السعودي عندما استطاعت المدعوة «سارة إبراهيم» كسب تعاطف وتفاعل وتأثر فئة من المجتمع مع وضعها الصحي نتج عنه تحويل مبالغ طائلة لها من شخصيات عادية وغير عادية المجتمع ذلك لأنها استطاعت حبك قصتها بفنية عالية واحترافية فهل فعلا تمكنت من استمالتنا نحوها لأننا شعب عاطفي متدين متعاطف كما برر بعضهم علّة التفاعل!؟.
حقيقة لن ألج في تفاصيل الذي صدر من سارة إبراهيم والتعاطف معها إنما سأتكلم عن الصدقة ومن الأولى بها، وهل أغلب الذي تعاطف مع سارة حريصاً على صرف الصدقة للفئات المستحقة حسب ما ورد في الشريعة الإسلامية مكتفية بدليل واحد فقط يشير إلى أن خير الصدقة وأفضلها ما كان عن ظهر غنى، وأن يبدأ بمن يعول، قال عليه الصلاة والسلام: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فَضَلَ شيء فلأهلك، فإن فَضَلَ عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فَضَلَ عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)). يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك. أخرجه مسلم.
لست في وضع مراقبة ولا محاسبة أحد ممن تضرر بسبب نصب واحتيال سارة إبراهيم لكن سؤالي هل المتضررين على معرفة مسبقة بالدليل بالتالي يدركون من الأحق بالصدقة الأحقية التي لو عملوا بها ونفذوها أمكن سد احتياج أسر كثيرة بالتالي لكن يبقى لديه مال صدقة يستهدفه مستهدف نصاب ومحتال.
أن نكون شعب متدين عاطفي متعاطف يعني أن نكون على قرب من ديننا الإسلامي بالتالي نبحث عن الذي يستحق صدقة من أهلنا وأقربائنا وأهل بلدنا عندما يزيد من مالنا شيء فنحقق بفعلنا هذا الأفضل في الصدقة ونسعد من آلمته الحاجة طالما أن دافع التملك لدينا لم يمنع من مد يد العون للآخرين بدليل الأيدي المهولة التي مدّت إلى سارة إبراهيم بمبالغ خيالية!.