جاسر عبدالعزيز الجاسر
بدأ اللبنانيون يفيقون من سبات الهيمنة الطائفية وتسلط ممثلي ولاية الفقيه، فإشارات عودة الوعي بدأت تتوالى في لبنان، والبداية كانت من أبناء الطائفة الشيعية أنفسهم، لا نشير فقط إلى مواقف علماء كبار من أمثال علي الأمين، ولا إلى العلامة محمد الحسيني، بل هذه المرة استيقظ الوعي لدى العديد من القيادات السياسية الشيعية وفي مقدمتهم كوادر متقدمة من حركة أمل الذين أخذوا يخرجون ما في عقولهم وأفئدتهم من التداول همساً إلى العلن، وأخذوا وبدأوا يتحدثون عن توريط أتباع ولاية الفقيه، والمقصود هنا (حزب الله) الذي أدخل الطائفة الشيعية في لبنان امتحاناً حرجاً لم يؤخذ رأي الشيعة فيه، وهو تحويل شباب الطائفة إلى حراس لنظام قاتل لشعبه، منبوذ من محيطه، يدمر مدنه بالطائرات ويبيد مواطنيه بالبراميل المتفجرة، وهذا الاندفاع لمساندة نظام بعينه ضد شعب جار تربطه صلات قوية بلبنان ليس في صالح الطائفة بأسرها حتى وإن حقق (حزب الله) في سوريا ما أراد، وهذا محال لأن الأوضاع والنسب الديمغرافية والمصالح الإقليمية لا يمكن أن تسمح به، ولكن حتى وإن تحقق الانتصار بحسن نصر الله وممثلي ملالي إيران، فإن ذلك سينسب لهم وتتكرر أكذوبة (النصر الإلهي) ليقوم حزب الله بنشر راياته الصفراء على الأراضي اللبنانية.. كل الأراضي اللبنانية طالباً من جميع اللبنانيين وليس الشيعة فقط أن يكونوا اتباعاً له يتبعون مؤشره المثبت على ريموت كنترول طهران.
أما إذا ما نجحت الثورة السورية وأطيح بجلاد سوريا ووصلت القوى الوطنية إلى حكم هذا البلد الجار المؤثر فماذا سيكون مصير الذين تورطوا في الدفاع عمن كانوا يذبحون الشعب السوري.
هذه الحالة وما ستؤول إليه الأمور هي التي يحذر منها العلماء والمفكرون والكتاب من أبناء الطائفة الشيعية في لبنان، ولذلك فقد بدأت مظاهر النأي عن أتباع ملالي طهران وعن مغامرات حسن نصر الله وبذاءاته وشتائمه حتى من كانوا يُصنفون كحلفاء له من حركة أمل الشيعية، ومن الأحزاب الوطنية، ومنهم أحزاب سنية ودرزية ومسيحية. وقد لاحظ المتابعون أن هذه الأحزاب وقادتها أخذوا يستعملون في خطبهم وأدبياتهم مصطلح (المقاومة الوطنية) وعدم حصر الحديث عن مواجهة إسرائيل بالمقاومة الإسلامية التي كان حسن نصر الله يسوقها حصراً على أنصار حزبه.
هذا المناخ الذي بدأت رياحه تهب على لبنان، وبالتحديد على الضاحية الجنوبية هو الذي دفع حسن نصر الله وأتباعه إلى تنظيم احتفالهم التنظيمي هذا العام في النبطية في جنوب لبنان، بعد تقلص الدعم لهم في الضاحية الجنوبية، متخوفين من فشل الحفل وعدم حضوره من قبل الفعاليات الوطنية والسياسية، وطبعاً الرسمية.