د.ثريا العريض
قلت إن الدولاب البطيء لا يفيد في أوضاع تتطلب الحركة السريعة. وأستكمل معكم اليوم ما بدأته في حوارنا السابق؛ أسئلة أعددتها للقائنا بوزير الخارجية (سابقاً) صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل في زيارته لمجلس الشورى يوم الثلاثاء 31 مارس 2015, أستعيدها الآن لمجلس الشؤون السياسية والأمن.. ويبقى مزيد حول المستجدات سأتناوله لاحقا.
6- هناك قضايا متكررة تسبب حرجاً دبلوماسياً مثل حقوق الإنسان والاتهامات للمملكة بالتمييز ضد بعض الفئات كالأقليات والمرأة، والتقصير في حمايتها من الانحراف والميل في أعراف المجتمع. وقد أخذت المملكة موقفا حاسما تجاه ما تلفظت به الوزيرة السويدية, فدافعت عن استقلالية القضاء في السعودية وضرورة الالتزام بعدم المساس بالشؤون الداخلية للغير. وصعدت الموقف ودعمت ردها رسمياً باتخاذ قرارات تمس المصالح الاقتصادية للسويد.
وقد جاء الحسم ووضوح تغيير إستراتيجية المملكة في التفاعل بنتائج إيجابية واعتذار الحكومة السويدية وتحسين العلاقات. السويد دولة تطبق التعامل الحضاري شعباً وحكومة؛ وليست كل الدول بمستوى حضاريتها. كيف يجيب ممثلو المملكة رسميا عن المواقف العدائية؟ وهل سيكفي الالتزام بالتوضيح أعلاه؟
7- هل هناك توجه في وزارة الخارجية لتعيين مواطنات كفؤات في مناصب عليا بالوزارة كمنصب سفيرة لدولة أو لمؤسسة دولية كبرى كالأمم المتحدة؟ أسوة بقرار الدولة رسمياً تعيين السيدات أعضاء في مجلس الشورى؟ واضح أن ذلك سيغلق فجوة سلبية تحمل إمكانية مهاجمة المملكة بتهمة التمييز ضد المرأة. متى نتوقع أن نرى ذلك على أرض الواقع؟
8- هل سنرى مشروعا لتطوير قسم الوثائق بالوزارة يرتقي إلى تأسيس قاعدة بيانات رئيسية الكترونية للمعلومات السياسية والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الثنائية والتحالفات.. يحدّث باستمرار ليواكب المستجدات ويكون مفتوحاً للاستخدام البحثي من الدارسين والمختصين كمرجع رسمي معتمد؟
9- نلاحظ تزايد القضايا الجنائية وتهم المشاركة في الإرهاب المرفوعة في الولايات المتحدة ضد مواطنين سعوديين. هل هناك متابعة إحصائية تحليلية لهذه الظاهرة توضح إن كان هذا مجرد انعكاس لتزايد عدد المواطنين من فئة الشباب الدارسين في أمريكا وهم الجيل الذي تعرض في صباه لتأثير القولبة الدينية ونما في أجواء إقليمية مضطربة, أم أن هذا نتيجة الإسلاموفوبيا؟ أم تأطير مقصود لشيطنة السعوديين بالذات كما استجد بضراوة بعد تفجيرات نيويورك؟
كيف ستتوازن مواقف الدولة خارجيا بين هذا وذاك؟
10- لعل أهم حق جوهري من حقوق الإنسان أن يمتلك المواطن علاقة بولي الأمر تضمن له أن كل حقوقه الأخرى في أيد أمينة لن يستطيع التفريط فيها أحد. وأن علاقته بربه علاقة مباشرة لا يتدخل فيها بشر ليقرر إن كان يستحق رضا الله, أم يحتاج إلى صك غفران كما حدث في ماضي الحضارات الغربية فأدى إلى تاريخ دام من الثورات. علينا تجريم الإساءة لأي فئة.
فهل هناك نظرة مستقبلية وإستراتيجية بهذا الشأن.. تحقق آمالنا في الاستقرار داخليا والاحترام خارجياً؟
نحن نعيش في هذه الأيام مرحلة تغيرات واعدة. ومتاح لنا أن نتخذ قرارات حاسمة في منعطف مهم لمسيرة الدولة وبلورة موقعها ومبادئها وتوجهها ومنجزاتها مستقبلياً. وآمل أن تحمل لنا جميعا كل ما نحلم به ثقافياً واقتصادياً وسياسياً..
أدعو لوطننا بالنجاح في تحقيق التوازن بين الحكمة ومستوجبات التحرك بدولاب سريع لتصحيح موقعنا في المعادلة العالمية, وترشيد تفاعلاتنا في الساحة الداخلية المتعددة الخلفيات لترسيخ جذور مواطنة فاعلة وانتماء مشترك.
وأتمنى لمجلس الشؤون السياسية والأمن التوفيق في القرار في أوضاع تتطلب الحكمة على المدى الطويل والحزم والحسم على المدى القريب.