ثامر بن فهد السعيد
تعتبر تجربة المملكة العربية السعودية في التأمين ومنتجاته تجربه حديثة، بالمقارنة مع الأسواق العالمية التي أنشأت وأطلقت شركات عالمية نمت وكبرت حتى أصبحت مرجعا رئيسيا في عمليات إعادة التأمين في العالم مثل شركة أليانز الأوربية وشركة AIG الأمريكية. كانت بدايات نشاط قطاع التأمين في المملكة العربية السعودية قد انطلقت من تأسيس شركة التعاونية، التي تساهم الدولة في حصة من رأس ما لها
ليستمر نمو القطاع عدداً من حيث الشركات، بعد أن أقرت مؤسسة النقد العربي السعودي وهي الجهة المنظمة لسوق التأمين في المملكة اللوائح التنظيمية لقطاع التأمين، وأيضا، فقد تتولى مؤسسة النقد العربي السعودي عملية الإشراف على منتجات هذه الشركات، وقدرة الشركات على الوفاء بمطالبات العملاء وحاملي قسائم التأمين.
لدى المجتمع الاستثماري عالميا، يحظى قطاع التأمين باهتمام المستثمرين، ويعد في كثير من الأسواق كجزء من القطاع المالي، لاعتماد هذا القطاع على جمع الأموال والأرصدة العالية من خلال بيع المنتجات التأمينية واستثمار هذه الأموال لتحقيق العوائد والفائض المالي الذي يتجاوز حجم المطالبات التي تتحملها شركات التأمين جراء برامج التأمين المباعة إلى العملاء.
بدأت ثورة نشاط تأسيس شركات التأمين منذ العام 2006، واستمرت شهية المستثمرين في إنشاء وتأسيس شركات تأمين بوتيرة عالية وملحوظة. اليوم، «تداول» أدرجت جميع شركات التأمين عبر طرحها للاكتتاب العام ويبلغ عدد شركات التأمين المدرجة 35 شركة جميعها تعتبر كيانات صغيرة أسست برؤوس أموال بسيطة أغلبها يتماشى مع الحد الأدنى المسموح به بأنظمة هيئة السوق المالية للطرح والإدراج. وكأن تأسيس هذه الشركات كان يهدف حقيقةً إلى إدراجها إلى السوق والاستفادة مما سيوفره السوق من أرباح رأس مالية بعد الإدراج للمساهمين المؤسسين. كل متابع يعلم بمدى المعاناة التي مرت بها عدد لا بأس به من شركات التأمين بسبب ضعف رؤوس أموالها وقدرتها على مواجهة المطالبات التأمينية واتجاه هذه الشركات بالغالبية إلى زيادة رأس المال دعما لموقفها المالي بعدما تكبدت خسائر كبيرة من رأس المال ويظهر أثر الخسائر أنه 7 شركات من أصل 35 شركة جميعها تشهد خسائر متراكمة من رؤوس أموالها تتراوح بين 50% و 75%. اليوم وبعد ما تكبدت الشركات من خسائر في رؤوس أموالها وحقوق المساهمين فيها أبدت مؤسسة النقد العربي السعودية ترحيبها بأن يتجه مكوني القطاع إلى الاندماج فيما بينهم تعزيزا لمراكزهم وقدرتهم التنافسية وهذا اليوم مع اتساع سوق التأمين وتزايد الطلب عليه أصبح مطلبا أكثر إلحاحا من قبل فالعبرة في جودة المنتج والقدرة على تلبية المتطلبات بدلا من التركيز على عدد الشركات المتاحة. في قطاع التأمين تبلغ قيمة حقوق المساهمين إلى القيمة السوقية للقطاع فقط 20% حيث تتجاوز القيمة السوقية للقطاع 50 مليار ريال في الوقت الذي تبلغ فيه قيمة حقوق المساهمين فقط 10,4 مليار ريال أما الأرباح التي حققها القطاع في العام الماضي 2014 فاقتربت من 900 مليون ريال ما تمثل فقط 2% من القيمة السوقية للقطاع. وأيضا تعني هذه الأرقام أن القطاع بلغت قيمته السوقية 4 أضعاف رساميل هذه الشركات فالشركات مجتمعه تبلغ رؤوس أموالها 11,8 مليار ريال.
يعد سوق التأمين السعودي أحد أهم الأسواق في منطقة الشرق الأوسط والأكبر في منطقة الخليج العربي لحجم الاقتصاد السعودي وأيضا للتعداد السكاني في المملكة ونسبة النمو السكانية فالحاجة إلى منتجات التأمين اليوم تزداد بشكل متسارع بسبب هذا التنامي وبسبب التشريعات التي تفرض التأمين على الموظفين وعلى الممتلكات وغيرها من الأنشطة التأمينية. تعتمد شركات التأمين في تنمية محفظتها التأمينية وتنمية دخلها الاستثماري على منتج التأمين على الحياة حيث تعتبر شركات التأمين أن المطالبات على هذا المنتج متفرقة وغير مكثفة كما هي في التأمين الصحي على سبيل المثال أو التأمين على المركبات أو أي منتج آخر وساهم عدد من المشايخ المتخصصين والمختصين في مجال التأمين في أسلمة منتج التأمين على الحياة بابتكار منتج تكافلي يتقارب في مزاياه مع مفهوم التأمين على الحياة لتتشكل بهذا لدينا منظومه تأمينية إسلامية وكان لماليزيا الأسبقية في هذا.
يغيب في صناعة التأمين في المملكة الدور التثقيفي في حجم وأهمية هذا القطاع ومنتجاته فالغالبية العظمى من المتعاملين مع التأمين يتعاملون معه إجباراً إما لتأمين الموظفين أو للتأمين القصري للمركبات والمشترط من إدارة المرور وتغيب المعرفة بالمنتجات التأمينية الأخرى التي لها أثر على حياة الفرد. ويمتد الأثر بالمسؤولية إلى التعليم الأكاديمي وإلى المنظم والمشرع لقطاع التأمين حيث لم يحظ التأمين تدريباً وتعليماً باهتمام وتنسيق الجامعات والمعاهد ما جعل الشح في الكوادر يبدو ظاهراً وكذلك الضعف فيما يقدمه الكادر في قطاع التأمين من معلومات ومعرفه إلى المستفيدين.
صناعة التأمين ضخمة الأرقام ضعيفة الكوادر والإنجازات حتى يومنا الحالي والحاجة أصبحت ملحة أكثر وأكثر إلى تطوير وتنظيم هذه الصناعة بشكل أكبر لنتمكن من جني ثمارها ومشاركتها في الدورة الاقتصادية بالشكل المأمول.