د. احمد سالم بادويلان
عندما يُذكر الخير وأعماله، يبرز في طليعة أهله ورواده صاحب الأيادي البيضاء وملك القلوب والإنسانية، خادم الحرمين الشريفين الذي يبذل بسخاء وجود غير محدود، لكل من أصابته الحاجة والفاقة من الأيتام والأرامل والمطلقات والمساكين والفقراء والمرضى والمدينين.
فأسس ورعى العديد من الجمعيات الخيرية والإنسانية، وما لا يُعلم عما تجود به نفسه أكثر مما يُعرف ويُعلن في وسائل الإعلام، إنه سلمان الخير وسلمان الإنسان أبو اليتامى وجابر عثرات الكرام، وإن أردنا أن نحصي أعماله في هذا المجال فإننا لا نستطيع، بل قد نجحفه حقه لكثرة أعماله وما يقدمه بأريحية ومحبة، فما أن يرى يتيماً حتى تدمع عيناه ولا يسمع عن أرملة ومطلقة إلا ويتأثر لحالهما، وما يصله من حالة مريض أو معسر إلا وبادر وأعاد البسمة إلى شفاههم، وفرَّج همهم وفك كربهم.
وهو من أهم رعاة وداعمي العمل الخيري المؤسسي، بل يسعى إلى حثّ المحسنين ورجال الأعمال لمد أياديهم بما تجود به أنفسهم للمؤسسات الخيرية والإنسانية.
وعندما نتحدث عن سلمان الأب فقد غرس - حفظه الله - في أفراد أسرته حب الخير وعمله، فأغلب أبنائه مسئولون عن جمعيات خيرية وإنسانية تشكِّل جزءاً كبيراً من اهتماماتهم ويبذلون المال والوقت من أجل نجاح تلك المؤسسات والجمعيات التي أوكل لهم خادم الحرمين الشريفين مسئوليتها حتى يكونوا قريبين جداً من العمل الخيري وزرع حبه في قلوبهم، ليبذلوا ما يستطيعون لا هدف لهم في ذلك سوى الأجر والثواب من عند الله.
تقبّل الله من الملك سلمان وأبنائه ما قدموا من أعمال خيرية وإنسانية وتطوعية، وجعل ذلك في ميزان حسناتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا ينفع الإنسان إلا ما قدمت يداه من الخير والإحسان.
وحينما ننتقل إلى ما زرعه سلمان في أبنائه، فإنه ما يأتي ذكر تلك الفئة الغالية على نفوسنا من ذوي الاحتياجات الخاصة والمعوقين، إلا يبرز في الساحة اسم كبير قدم وما زال يقدم وسيقدم ويبذل الكثير والكثير من أجلهم، إنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، ورئيس مجلس إدارة جمعية الملك سلمان بن عبد العزيز لأبحاث الإعاقة.. الذي بذل وقته وماله وجهده من أجل توفير الأجواء الملائمة لهذه الفئة التي تعتصر قلوبنا ألماً ونحن نرى معاناتهم والتي حوّلها سموه إلى أفراح ومسرات بعد أن هيأت لهم الجمعية وفروعها المنتشرة في كافة أنحاء المملكة التعليم والتدريب والترفيه، بل ورعت الموهوبين منهم ونمّت قدراتهم حتى حصل بعضهم على الجوائز العالمية وشهادات التقدير.. وللأمير سلطان بن سلمان الكثير من الأعمال الخيرية التي يحرص أن تكون بينه وبين خالقه.. فهو لا يتردد في مد يد العون لكل من يحتاج إليه ويلجأ إليه - بعد الله - في إنهاء معاناته وحاجته، وكما رأيناه في وسائل الإعلام وهو يُداعب المعوقين ويزرع البسمة في شفاههم ويزورهم ويسأل عن احتياجاتهم، ويحث القائمين عليهم بتقديم أقصى درجات الراحة والاهتمام بهم، فهم غالين علينا ولن نشعرهم بأنهم يختلفون عن بقية أفراد المجتمع، وكم رأينا سموه وهو على كرسي الإعاقة حتى يستشعر معاناتهم وهمومهم ويرق قلبه لهم.. نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته وحسنات والده الملك سلمان الذي زرع في أبنائه حب الخير والعمل في سبيل خدمة المحتاجين وذوي الظروف الخاصة بجميع فئاتهم.. أما صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان، فإنه يسير على نهج المربي الأول وداعم العمل الخيري والإنساني الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -.. إنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان الذي أولى جل اهتمامه ووقته رغم مسئولياته الكبيرة بفئة مهمة من المجتمع، إنهم مرضى الكلى فترأس مجلس إدارة جمعية كلانا التي تهتم بعلاج وزراعة الكلى للمرضى الذين يعانون كثيراً من هذا المرض، فهيأ لهم عبر جمعيتهم المراكز التي تقوم بعمليات غسيل الكلى مجاناً للمواطنين والمقيمين أيضاً، وأنشأ لهم مركزاً لزراعة الأعضاء وأهمها زراعة الكلى.
هذا التنوع الرائع من توزيع الاهتمام بالمحتاجين والمرضى، وراءه رجل عظيم هو والده الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -.. فقد أصبح لهذه الفئة نصيراً ومعيناً - بعد الله - من خلال الأعمال والخدمات التي تقدمها الجمعية لهم، وأصبح صوتهم يصل إلى رأس الهرم القيادي، وخصصت الميزانيات لعلاجهم ولأبحاث الكلى وأمراضها وزراعتها والحث على التبرع بها، والتبرع للجمعية التي تقدم الكثير والكثير من أجل أن ينسوا معاناتهم حتى يتم شفاؤهم بفضل الله ثم بجهود من يرعى تلك الأعمال الخيرية الرائدة، وفي مقدمتهم في هذا المجال سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان - وفقه الله -.
ولا نملك إلا أن ندعو الله لهم أن يوفقهم لما يحب ويرضى ويسدد خطاهم ويتقبل منهم ويمتعهم بالصحة والعافية.
أما صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز والذي يشغل حالياً منصب أمير المدينة المنورة، فإنه يُعد أحد رواد الأعمال الخيرية حيث يقوم سموه برعاية ومتابعة الأعمال الخيرية والإنسانية من خلال عمله أميراً للمدينة المنورة، حيث يولي الجمعيات الخيرية والإنسانية والتطوعية جل اهتمامه، ويشاركهم مناسباتهم واجتماعاتهم وندواتهم.. ويقدم لهم كل الدعم لنشر العمل الخيري ويسهل لهم كافة الصعوبات من أجل تحقيق أهدافهم، وقد تربى سموه على يد والده ملك القلوب والإنسانية الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي زرع فيه حب الخير والعمل التطوعي والإنساني، فساروا على نهجه الذي سنّه لهم، ولعلّ آخر أعماله الخيرية قيام سموه بالموافقة على إنشاء الجمعية السعودية الخيرية لرعاية مرضى القلب بالمدينة المنورة، ووافق على الرئاسة الفخرية للجمعية، كما وافق سموه على رعاية المؤتمر الدولي لأمراض وجراحة القلب بالمدينة المنورة.
وما هذا إلا امتداد لينبوع الخير الذي أسسه الملك سلمان في أبنائه البررة وأحفاده.. ولا يتردد سموه في تقديم ما لديه في أي عمل إنساني يعرض عليه بالمساعدة أو التوصية أو المشورة - وفقه الله دائماً وأبداً لما يحبه ويرضاه -.
أما صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد ووزير الدفاع، فهو صاحب سيرة عطرة في المجال الخيري والإنساني التي نهلها من والده، وسار هو وإخوانه على نهج أبيهم الملك سلمان بن عبد العزيز رائد العمل الخيري - حفظه الله -.
وقد تأثر كثيراً في مجال العمل غير الربحي حيث أسس مؤسسة خيرية هي مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك) التي يرأس مجلس إدارتها والهادفة إلى دعم وتطوير المشاريع الناشئة والتشجيع على الإبداع في المجتمع السعودي من خلال تمكين الشباب السعودي وتطويرهم وتعزيز تقدمهم في ميادين العمل والثقافة والأدب والقطاعات الاجتماعية والتقنية.
وليس هذا فحسب، فسيرته حافلة جداً بالنشاطات الخيرية والإنسانية التي تخدم فئات عدة في المجتمع، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن سموه نائب رئيس جمعية الملك سلمان للإسكان الخيري وعضو الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وعضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض.
وكذلك، فإن لسموه مناصب خيرية كثيرة أبرزها عضوية مؤسسة ابن باز الخيرية وجمعية البر بمنطقة الرياض والجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات وغيرها.
سيرة عطرة في ميدان من أشرف الميادين، وهو عمل الخير وخدمة المجتمع والسعي في حاجة المساكين والمحتاجين، إنه خريج مدرسة سلمان بن عبد العزيز الذي رسّخ مفهوم العمل الخيري في أبنائه وربّاهم عليه، فنِعم التربية المباركة. كتب الله ذلك في موازين أعمالهم يوم الدين وجزاه عنهم خير الجزاء.
وتمتد هذه التربية الرائدة من الأبناء إلى الأحفاد حيث صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبد العزيز ذلك الشبل الذي تربى في كنف جده سلمان حينما توفي والده الأمير فهد بن سلمان بن عبد العزيز - رحمه الله - وهو صغير.
والذي لم يعرف طعماً لليُتم لأن جده زرع فيه حب الأيتام ورعايتهم، وما أن شب عوده وكبر حتى أصبح رئيساً لمجلس إدارة جمعية إنسان لرعاية الأيتام، وأصبح يبذل جهده ووقته وماله من أجلهم يشاركهم مناسباتهم ويرعى تكريمهم ويحضر حفلات زواجهم.. أصبح قريباً منهم يحمل همومهم ويرعى شئونهم ويواصل مسيرة أبيه وجده في العمل الخيري والإنساني.
فكم يتيماً احتضنه ورعاه وكم شاباً نشأ يتيماً فآزره وشجعه.. إنها سيرة مباركة وعطرة من الإنجازات والأعمال الخيرية من هذه الأسرة المباركة التي يقف على هرمها أبو المساكين والأيتام الملك سلمان بن عبد العزيز - وفقه الله ورعاه وسدد للخير خطاه -.