إبراهيم عبدالله العمار
يروي التاريخ أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كان متكئاً في جماعة من الناس في الكوفة، فثارت ريح حمراء أفزعت أهل البلد، ورأى الناس رجلاً يركض صارخاً: «يا عبدالله بن مسعود!»، فلما وصل له جلس عبدالله (وكان متكئاً) وأنصت له، فصاح الرجل: «جاءت الساعة! جاءت الساعة!»، فطمْأَنَه ابن مسعود وأخبره بأن هذه الريح الرملية ليست بدء يوم القيامة، وأعْلَمَه بالعلامات الكبيرة قبلها التي أنبأنا عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام.
يأتي في تواريخ الأمم قصص شبيهة بهذه، فيحدث شيٌ كبير مخيف؛ يجعل الناس يظنون أن شيئاً كونياً بشعاً سيحدث، فقد حصلت زلازل وفيضانات وكوارث طبيعية أخرى؛ جعلت الناس يشهقون برعب، ويوقنون أن القيامة قد قامت (سواءً كانوا مسلمين أم لا)، غير أني أظن أن أكبر حدث يوحي أن الدنيا ستنتهي شيء حصل منذ قديم الزمان.. قبل عشرات الملايين من السنوات.. قبل أن يوجد الإنسان، ولو كان الناس مخلوقين وقتها لأقسموا جميعاً أن القيامة قد قامت، وهو الحدث الذي قتل الديناصورات.
الديناصورات من أكثر الكائنات التي تثير الخيال عند الناس. كائنات عاشت قبل أحقابٍ سحيقة، ضخمة الحجم، عجيبة الشكل، ملأتْ الأفلام والقصص والرسوم المتحركة، وبعد أن كانت منتشرة في الكثير من أرجاء الأرض اختفت بسرعة مدهشة، وأبرز نظرية تفسّر هذا الاختفاء المفاجئ نظرية النيزك التي تقول إن نيزكاً ضرب الأرض قبل 65 مليون سنة. كان ذاك النيزك شيئاً مهولاً، لو رآه الناس اليوم لظنوا أن القيامة قد قامت، فقد طافت صخرة لا يتجاوز عَرضها 10 كيلومترات فقط في أعماق الفضاء ثم اخترقت المجال الجوي، وهجمت على قشرة الأرض، في منطقة هي المكسيك اليوم. لقد انقضّ النيزك على كوكبنا بصدمة جبارة عظيمة بلغت قوّتها 100 تريليون طن من مادة تي إن تي المتفجرة. هذا الانفجار أقوى من القنبلة النووية التي أُلقيت على هيروشيما ألف مليون مرة! صَنَعَ هذا الانفجار الأسطوري حفرة عرضها 177 كم، وهزَّ كوكب الأرض، وأباد أعداداً لا تُحصى من الكائنات، منها فصائل بأكملها مثل فصيلة الديناصورات، التي بقيت أحافيرها أثراً يدل على فصيلة مدهشة مِن خلْق الله عاشت في أزمانٍ سالفة قبل حتى أن يخلق الله البشر.
الحصاة التي دكّت كوكباً، بل إن ذلك الانفجار من شدته قَذَفَ بأحجار من كوكب الأرض إلى الأعلى كالصواريخ حتى اخترقت غلافنا الجوي، ووصلت إلى يوروبا قمر المشتري! يا له من ارتطام!! هذا هو الحدث الكبير فعلاً، والحمد الله الذي جنّبنا رؤيته.