رجاء العتيبي
عندما كنت في فعاليات TEDx الرياض الثلاثاء الماضي كان هناك جمهور خاص لهذه الفعالية، لهم مواصفات تكاد تكون موحدة: شباب في منتصف العمر، جلسوا لمدة 6 ساعات بدون كلل أو ملل يتابعون الأفكار المهملة التي تقدم بها 12 متحدثاً.
وعندما كنت في مسابقة مسرح شباب الرياض التي نظمتها فنون الرياض الأحد الماضي ، التي استمرت لمدة 3 أيام، كان هناك أيضاً جمهور مختلف، بمواصفات مختلفة واهتمامات مختلفة وثقافة مختلفة، يحضرون في كل يوم؛ ليشاهدوا العروض بشغف.
وعندما كنت في حفل افتتاح ملتقى ريادة الأعمال بجامعة القصيم كان هناك جمهور مختلف من المهتمين بريادة الأعمال، يكاد يكون مختلفاً عن جمهور TEDx وجمهور المسرحيات.. أناس يهتمون برأس المال والأرباح والأفكار الإبداعية، والأكثر من ذلك مواصفاتهم الشكلية تختلف وكأن كلاً منهم ينتمي لقرية تبعد عن الأخرى آلاف الأميال.
وقس على ذلك في كثير من الفعاليات، مثل الشباب المهتمين بالألعاب الإلكترونية على مستوى العالم، أو الشباب الذين يحضرون مباريات كرة القدم، أو الشباب المهتمين بالصيد والرحلات البرية، أو الشباب المهتمين بالأدب والشعر والرواية.
هذا يعطينا مؤشراً إلى أن الناس والمجتمعات لا يمكن أن تعسفهم ثقافة واحدة، ولا شكل واحد، ولا اهتمام واحد، ولا يمكن أن تجعلهم كلهم (ماضويين) يقرؤون الكتب الصفراء، ولا يمكن أن تجعلهم يفكرون مثل شيخهم، أو مثل ملهمهم، أو مثل قائدهم أو مثل أستاذهم.
تعدد الثقافات حالة صحية للمجتمعات، والأفضل من ذلك أن كل ثقافة تقدر الثقافة والأخرى، لا تستهجنها، ولا تسخر منها، ولا تقصيها، فالاختلاف أمر يعود للسنة الكونية. ومن يحاول أن يؤطر الناس في دائرة واحدة أو يحصرهم في منطقة واحدة فإنه - بكل بساطة - يخالف السنة الكونية التي فطر الله الناس عليها.
في تقديري، إن الجيل الحالي ربما يكون أكثر وعياً بتعدد الثقافات من الجيل السابق، جيل الثمانينيات، بدليل هذا التنوع من الاهتمامات، وهذا التنوع حتى بات بكل ثقافة أناس يتصفون بمواصفات محددة، لا تخطئها العين لمن أرهف السمع ودقق النظر وقرأ الناس والأحوال.. وهذا مؤشر إيجابي؛ يجعلنا نسير في الطريق الصحيح، فالإنجاز يمكن أن تجده لدى كل شرائح المجتمع بدون استثناء، وليس مقصوراً على فئة دون فئة.