رجاء العتيبي
قبل أن تكون عاصفة الحزم عاصفة، كان قرارا حكيما اتخذه الملك سلمان بكل شجاعة، فكل المؤشرات السياسية تؤكد هذا القرار ولا مجال للتسويف، أو الحوارات السياسية الطويلة، كان الموقف خطيراً وأبعاده باتت واضحة لدول المنطقة.
وكان الخطر يتركز في: احتلال مضيق باب المندب، منصة إيرانية في جنوب الجزيرة العربية، انقلاب الحوثيين، تغيير المذهب السني، تغيير الحالة (الديموغرافية) للسكان إلى وضع آخر طارئ على المشهد اليمني، تمزيق الورقة الخليجية.
عندما تضع هذه الأخطار على طاولة الاجتماع وتراها وهي (تتسارع) سياسيا وعسكريا في بقعة تهاوت فيها كل مفاصل الدولة وتدهور فيها كل معنى للجيش باتجاه (مكون) جديد يدين بالولاء لقوى إقليمية يقتطع فيها جزءا غاليا من شبه الجزيرة العربية، ساعتها يكون القرار، وكان فعلا قرارا تحول إلى (عاصفة الحزم) في فجر الخميس الماضي أنهى الاحتلال الحوثي السريع لليمن، بنفس السرعة التي بدأ بها إن لم تكن أسرع.
لم يمض من الوقت غير (15) دقيقة حتى استطاع سلاح الجو السعودي والخليجي أن يحسم الموقف لصالحه وأن يوقف المد الحوثي عند حدود عدن، وأن يضع القوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح في حالة من الذهول والفرقة، وتشتت تحالفها مع الحوثي، لتبدأ الضربات الجوية المتقنة دعماً للشرعية وإنقاذا لليمن وإفشال الاحتلال الإيراني الصريح.
وجاءت القوات العربية والصديقة لتصادق على هذا القرار، وتبعه حراك دولي مؤيد جعل من الحلم الإيراني سرابا في سراب، فالخطر بات يهدد اقتصاد العالم، على اعتبار أن مضيق باب المندب معبر دولي لا يدار إلا بفكر اقتصادي يخدم العالم، وليس بفكر استاليني توسعي.
وإذا ما عددنا التدخل الإيراني في اليمن إرهاباً فإنه حينها يكون أشد خطرا لأنه يأتي من دولة نظامية تدعم جماعاتها سياسيا ولوجستيا وعسكريا وفكريا، وتزرعهم هنا وهناك بطريقة فتاكة، لا دين لا أخلاق لا تعايش.
من هنا يكون القرار قرارا، والحزم حزما، فمستقبلك يصنعه قراراتك ويصادق عليه حزمك، وقرار الملك سلمان هذا بعاصفته الحازمة، المؤيدة من الداخل والخارج بالضرورة يصنع عالماً متصالحاً مع نفسه ويمنا سعيدا لا مجال فيه للسياسات الخرقاء والأطماع التوسعية، والفتن الطائفية.