د. محمد عبدالعزيز الصالح
مع توالي النجاحات والانتصارات التي أبدع، ولا يزال يبدع في تحقيقها رجال سلمان أرضاً وبحراً وجواً منذ انطلاقة عاصفة الحزم في مواجهة تلك المليشيات الحوثية, ومع تمكُّن هؤلاء الأبطال من تطهير حدودنا الجنوبية وبث الطمأنينة لدى سكان تلك المناطق الحدودية في مواجهة جيش المخلوع علي صالح وأذناب إيران من الحوثيين, تلك النجاحات التي كان لا بد لها من تضحيات من قِبل أفذاذنا الأبطال, ونحمد الله سبحانه وتعالى على محدودية وقلة أعداد الشهداء والمصابين التي خلّفتها تلك العاصفة قياساً بتلك المكتسبات الوطنية والإقليمية والدولية التي حققتها المملكة والتي كانت في ذهن سلمان قبل أن يوجه - حفظه الله - بالإذن ببدء تلك العاصفة.
تلك التضحيات التي قدمها رجال وأبطال سلمان لتراب الوطن ولأهل الوطن, تتطلب بأن يكون هناك ردة فعل إيجابية من كافة أطياف المجتمع لمكافأة هؤلاء الأبطال وذوي الشهداء منهم.
وأقترح في هذا الخصوص, أن يهب كافة المقتدرين من بنوك وشركات ومؤسسات ورجال خير إلى التبرع والمساهمة الفاعلة في بناء منظومة وقفية متكاملة (على غرار تلك المنظومة الوقفية العملاقة التي أوجدها معالي الدكتور عبد الله العثمان لجامعة الملك سعود) يُخصص ريعها وعوائدها لكل من يبذل الغالي والنفيس للذود عن تراب الوطن, أو العمل على بث الأمن والأمان في مختلف مناطقه, ونخص بالذكر شهداء ومصابي الواجب سواء في أرض المعركة على أي حد من حدود المملكة, أو من استشهد أو أصيب من رجال أمننا الأبطال الذين تميزوا في التصدي للإرهاب وحثالته من الناقمين والمحسوبين على أعداء الإسلام وأعداء المملكة، وذلك بقيادة متميزة على امتداد السنوات الماضية لقاهر الإرهاب والإرهابيين الأمير محمد بن نايف - حفظه الله -.
وأقترح لهذه المشاركة المجتمعية في بناء تلك المنظومة الوقفية أن لا تقتصر على شخص بعينه أو مؤسسة بعينها, بل يشارك فيها الجميع من مؤسسات وهيئات وشركات وبنوك ورجال أعمال وجميع أهل الخير في وطننا المعطاء, فما قدمه هؤلاء الأبطال من مصابي وشهداء الواجب يستحق الكثير منا جميعاً تجاههم وذويهم.
وأقترح لهذه المشاركة المجتمعية الخيّرة أن تنطلق من دوافع دينية ووطنية وإنسانية, ولا نريد أن يكون الدافع منها المباهاة والاستعراض الاجتماعي, يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.... وذكر منهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه....). ولنا في ما يقوم به والد الجميع سلمان بن عبد العزيز وأبناؤه البررة في مجال الأعمال الخيرية خير شاهد على ذلك, فمنذ عقود زمنية طويلة وسلمان الوفاء (كما لقّبه بذلك سلطان الخير - رحمه الله -) لم يتردد يوماً في وفائه لأبناء شعبه ورعايته لكافة فئات المجتمع من خلال دعمه اللا محدود ورعايته للكثير من الجمعيات الخيرية والأسرية والصحية المختلفة, فما نعلمه عن جهوده - حفظه الله - في مجال الدعم الخيري لا يُمثّل سوى جزءٍ يسيرٍ مما يقوم به في دعم مختلف الجمعيات والمناشط الخيرية.. ولم يكتف سلمان الوفاء بذلك, بل حرص - حفظه الله - على غرس حب العمل الخيري والتطوعي في نفوس أبنائه الأمراء سلطان وعبد العزيز وفيصل ومحمد وسمو الأميرة حصة بنت سلمان, ويُمكن للجميع ملاحظة ذلك من خلال دعمهم ورعايتهم وتسخير الكثير من وقتهم لمختلف المناشط الخيرية مع حرصهم على البعد عن الاستعراض والمباهاة في ذلك, حيث جعلوا جهودهم الملموسة في رعاية مختلف الجمعيات الخيرية والصحية والأسرية تتحدث عنهم مع حرصهم على البعد عن الصخب الإعلامي.
وإنه من الأهمية التأكيد على أن مطالبتي للمجتمع بإنشاء تلك المنظومة الوقفية وتخصيص ريعها لدعم مصابي وذوي شهداء الواجب, ما هو إلا امتداد لدعم الدولة وولاة الأمر لتلك الفئة الغالية علينا جميعاً, فالدولة - حفظها الله - لم تتردد يوماً في رعاية المصابين ودعم ذوي شهداء الواجب.
أختم مقالي بتقديم التهنئة الخالصة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ولسمو ولي عهده، وولي ولي عهده، ولسمو وزير الدفاع على تلك النجاحات التي تم تحقيقها منذ بداية عاصفة الحزم.. تلك النجاحات التي تحققت على يد رجال وأبطال سلمان جواً وبحراً وأرضاً بقيادة متقنة أبدع في نظم تفاصيلها سمو الأمير محمد بن سلمان.