د. نوف بنت محمد الزير
اثنا عشر ربيعاً مرت ونحن نرقبك كزهرة تنمو بعبق أريجها ورائع جمالها وبديع صنع الخالق فيها..
اثنا عشر ربيعاً مرت وأنت ترفل في براءة الأطفال التي تتقلب فيها بين أترابك يا معن!!
اثنا عشر ربيعاً مرت وأنت تُشنِّف مسامعنا بتلاوتك كتاب الله وتُثلج قلوبنا بتقدمك في حفظه.
اثنا عشر ربيعاً مرت مرور البرق، ولم يدر بخلدنا ولو لحظة واحدة إنها نهاية الرحلة!!
لقد فُجعنا يوم الثلاثاء الموافق 4-6-1436هـ بوفاة الابن معن الداود ابن الأخت الغالية مها العيد - نسأل الله أن يجبرها في مصيبتها ويخلف لها خيراً منها- في حادث مروري مروّع أرجف قلوبنا واستلّ مدامعنا ونثر كمائن أفئدتنا.
حادث مروري كان سبباً في أن تُطوى صفحة لا يتجاوز عمرها اثني عشر عاماً!!
ويا لله كم هي اللحظة عصيبة والساعة فاجعة!
فرحيلك يا معن علمنا دروساً لا تُنسى وكأننا للتو سمعناها!!
علمنا أن نستشعر معنى: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.
علمنا أن هذه الدنيا سريعة الفناء مستحيلة الدوام ثالمة قلوب المحبين، ومفزعة أفئدة الناس أجمعين؛ فمن منا لم يرعه الفقد يوماً؟ ومن منا لم يُثلم برحيل غالٍ أو قريب؟!
علمنا - يا بُني- أننا في دار كثير بناؤها.. مجهد نماؤها.. سريع فناؤها.. قليل عند الناس اغتنامها..
علمنا- يا فلذة الكبد- أن نراجع حساباتنا ونسامح من أساء إلينا ونعفو عمن ظلمنا لأننا يوماً راحلون!
علمنا أن نبرّ والدينا ونصل أرحامنا ونحسن لمن حولنا لأننا حتماً مغادرون.
أيقظ فينا أن نحسن زراعة دنيانا ليينع ثمارنا في آخرتنا..
ذكرنا رحيلك الخاطف أن لدينا جميعاً حجزاً مؤكداً على رحلة مغادرة لأجل مسمى؛ لا يتقدم ساعة ولا يتأخر؛ فمن تراه منا استعد للرحيل؟! ومن تُراه يمضي أولاً؟!
لقننا رحيلك يا معن درساً بالغاً في قيمة الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
يا لله كم تلسعنا حرارة الفقد.. وتشرقنا مرارة المواقف المباغتة في هذه الحياة.
ولو قُدِّر لأحد أن يفتح قلوبنا لوجدها تنزف حزناً، وتُمطر دمعاً سحاً.. وترتجف ألماً..!
ومع ذلك نسأل الله أن يلهمنا الحمد والرضا والصبر واليقين وثبات المؤمنين الموقنين.
وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا بُنيّ معن لمحزونون.
عزاؤنا أن تشفع في والديك وذويك، وفي الفردوس الأعلى بإذن المولى نلتقيك، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.