أ.د.سليمان بن عبد الله أبا الخيل
إن بلاد الإسلام، ومهوى أفئدت المسلمين، ووجهة قبلتهم، ومحط أنظار العالم، المملكة العربية السعودية، بلد التوحيد والسنة، كانت وما زالت - ولله الحمد والفضل والمنة - قائمة على الأصلين العظيمين: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمنذ نشأت الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عندما تعاهد واتفق مع الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله تعالى، ثم الدولة الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله -رحمه الله، ثم الدولة الثالثة على يد الإمام الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله، وهي تنهل من معينهما الصافي وتشرب وتغرف من منبعهما الزلال، وتطبق شرع الله، وتسير على منهج أهل السنة والجماعة، ذلك المنهج الواضح الذي لا لبس فيه ولا اعوجاج، لأنه منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، ومن تبعهم من التابعين وأئمة الإسلام.
فالمملكة العربية السعودية مملكة شرعية، ودولة سُنية سلفية سَنية، فالمساس بها، والنيل منها، والتعرض لها بسوء منكرٌ وخطيئة، بل قال سماحة الشيخ الإمام عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- كما هو مسجل في شريط بعنوان «أهداف الحملات الإعلامية ضد حكام وعلماء بلاد الحرمين»: (العداء لهذه الدولة عداء للحق، عداء للتوحيد، أي دولة تقوم بالتوحيد الآن... من يدعو إلى التوحيد الآن ويحكم شريعة الله ويهدم القبور التي تعبد من دون الله؟ مَنْ؟ أين هم؟ أين الدولة التي تقوم بهذه الشريعة؟ غير هذه الدولة).
وقال أيضاً في مجموع فتاواه (9/98): (هذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كل فيه نقص، فالواجب التعاون معها على إكمال النقص، وعلى إزالة النقص، وعلى سد الخلل بالتناصح والتواصي بالحق والمكاتبة الصالحة، والزيارة الصالحة، لا بنشر الشر والكذب، ولا بنقل ما يقال من الباطل).
وقال أيضاً في مجموع فتاواه (7/184): (والعقيدة السلفية هي العقيدة التي دعا إليها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وهي عقيدة السلف، وهي عقيدة الدولة السعودية، وحقيقتها التمسك بالكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة في العقيدة والأحكام حسبما دل عليه كتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وما درج عليه الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان).
وقال أيضاً في مجموع فتاواه (1/379): (ومن أقوى أسباب نجاح هذه الدعوة أن هيأ الله لها حكاماً آمنوا بها ونصروها وآزروا دعاتها، ذلكم هم الحكام من آل سعود بدءاً من الإمام المجاهد محمد بن سعود -رحمه الله- مؤسس الدولة السعودية ثم أبنائه وأحفاده من بعده).
وقال أيضاً في مجموع فتاواه (1/380): (ووجود دولة تؤمن بهذه الدعوة وتطبق أحكامها تطبيقاً صافياً نقياً في جميع أحوال الناس في العقائد والأحكام والعادات والحدود والاقتصاد وغير ذلك مما جعل بعض المؤرخين لهذه الدعوة يقول: إن التاريخ الإسلامي بعد عهد الرسالة والراشدين لم يشهد التزاماً تاماً بأحكام الإسلام كما شهدته الجزيرة العربية في ظل الدولة السعودية التي أيدت هذه الدعوة ودافعت عنها، ولا تزال هذه البلاد -والحمد لله- تنعم بثمرات هذه الدعوة أمناً واستقراراً ورغداً في العيش وبعداً عن البدع والخرافات التي أضرت بكثير من البلاد الإسلامية حيث انتشرت فيها، والمملكة العربية السعودية حكاماً وعلماء يهمهم أمر المسلمين في العالم كله، ويحرصون على نشر الإسلام في ربوع الدنيا لتنعم بما تنعم به هذه البلاد).أهـ
وإن المتأمل والمدقق في الأصول والأسس والمبادئ التي قامت عليها بلادنا المملكة العربية السعودية منذ أن أسسها ووحدها الإمام الملك الصالح العادل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله وغفر له- على التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل، والانطلاق من نصوص الوحيين الكريمين، وما كان عليه سلف هذه الأمة، يرى أنها دولة أصيلة معاصرة، تنطلق في كل معاملاتها وتعاملاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية مما جاء فيهما من الحق والعدل والرحمة والبر والفضل، وما فهمه علماء الأمة منهما، يدل على ذلك ويشهد عليه حقائق وأرقام ووقائع وحوادث لا يمكن أن نأتي عليها في مثل هذا المقال، وإنما هي إشادات وإشارات وتنبيهات تفيد وتكفي عن التطويلات.
وما الموقف الذي وقفه رجل الوفاء والتاريخ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله ووفقه- فيما هو واقع وحاصل اليوم في جمهورية اليمن الشقيقة، والاستجابة لنداء فخامة رئيسها، والشعب اليمني في التوجيه ببدء عاصفة الحزم إلا أعظم شاهد وأكبر برهان على أن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تتدخل أو تتعرض لأي مكان أو أي مجتمع وفي أي زمان وفي مختلف الأحوال إلا وفق مبادئ الدين الحنيف وتوجيهاته، جاء هذا الموقف الحازم العازم الجازم الصارم القوي الذي سيخلده التاريخ ويسطره بمداد من ذهب وسيكون منطلق عزة لبلاد التوحيد وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم المملكة العربية السعودية، وللبلاد العربية والإسلامية، يشهد به القاصي والداني والعدو قبل الصديق ليدلل دلالة واضحة على أن هذه البلاد تقف عزيزة شامخة قوية مُهابة الجانب لا ترضى بالذل والخمول والهوان والاعتداء ولا بأي أمر يُنال من خلاله من مبادئ ديننا وعقيدتنا وأخوتنا الإيمانية ووحدتنا الوطنية والعربية والإسلامية.
إن هذا الموقف موقف شرف وعزة وكرامة، وعلينا جميعاً أن نستشعر ذلك وأن يكون على بالنا ونصب أعيننا دائماً وأبداً لنكون يداً واحدة وصفاً متراصاً متآلفين متعاونين متفقين مؤتلفين في كل ما يحفظ حياض التوحيد ويحمي بيضة ديننا وبلادنا وأمننا وأماننا واستقرارنا ورغد العيش الذي نتفيأ ظلاله في مملكتنا الحبيبة خلف قيادتنا الشرعية الراشدة وعلى رأسها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وسمو ولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز -حفظهم الله ووفقهم لكل خير.
إن هذا الموقف يعد من المواقف العظيمة والشواهد الكبيرة التي ستُعلم العالم أجمع بأن بلاد الحرمين الشريفين لا ترضى بالضيم، لا لأبنائها ولا لأبناء أمتها العربية والإسلامية، وسيكون ذلك -بإذن الله تعالى- نواة خير وانطلاقة فضل وتعاون واتحاد واتلاف، الأمر الذي معه جعلنا نرى أن الجميع من الدول الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية تثمن هذا الدور القيادي والموقف الشجاع من خادم الحرمين الشريفين، وتأتلف وتتحد وتتآلف وتتحالف معه للقضاء على أهل السوء والشر والفساد، وتقطع دابر تلك الأهداف العقدية الضالة الصفوية الرافضية الحوثية التي تستهدف ديننا وعقيدتنا ووطننا وبلادنا، ليس فحسب على مستوى المملكة العربية السعودية واليمن بل على مستوى العالم العربي والإسلامي، الأمر الذي يوجب علينا أن نكون عند حسن الظن في أقوالنا وأفعالنا وكل تصرفاتنا وخصوصاً في مثل هذه الأزمات والقضايا والنوازل والفتن.
إن هذه الحرب العسكرية ضد أهل الفساد والضلال من الحوثيين ومن ناصرهم وأيدهم من الجهاد الشرعي الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد توفرت فيه شروطه من طلب إعلاء كلمة الله تعالى، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يُقَاتل شجاعة وَيُقَاتل حمية، وَيُقَاتل رِيَاء، أَي ذَلِك فِي سَبِيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله».
وتوفر فيه أيضاً الجهاد تحت حاكم وقيادة شرعية، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الإمام جُنَّةٌ يُقَاتَلُ من ورائه وَيُتَّقَى بِهِ»، وتوفر فيه الاجتماع صفاً واحداً في وجه عدو ظالم غاشم، يستحق قتاله وردعه عن ظلمه وتجنيه واعتدائه، وطلب النصرة من جار مكلوم ومظلوم ومغلوب على أمره، قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72]، وتوفر فيه أيضًا القوة والعدة والعتاد من الجنود البواسل والطائرات والدبابات وغيرها فكانت قوة في وجه المعتدين الظالمين، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ الله يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60].
إذن عاصفة الحزم جهاد شرعي مطلوب، بل جاءت الشريعة بمشروعية الدفاع عن النفس والمال والعرض فكيف بالدين، قال ابن القيم في الفروسية (ص187): (فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل ولهذا أبيح للمظلوم أن يدفع عن نفسه، كما قال الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}. وقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد». لأن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة، ودفع الصائل على المال والنفس مباح ورخصة، فإن قتل فيه فهو شهيد).أهـ
وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لله}. قال ابن جرير الطبري في تفسيره (9/162): (فقاتلوهم حتَّى لا يكون شرك ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة، ويكون الدين كله لله، يقول: وحتَّى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره، وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل). ثُمَّ ساقه بإسناده عن ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وابن جريج وغيرهم -رحمهم الله.
وقال ابن دقيق العيد كما نقله ابن حجر في الفتح (6/5): (لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين ونشره وإخماد الكفر ودحضه ففضيلته بحسب فضيلة ذلك)..
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: (ثُمَّ ذكر تعالى المقصود من القتال فِي سبيله، وأنه ليس المقصود به سفك دماء الكفار وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن يكون الدين لله تعالى، فيظهر دين الله تعالى على سائر الأديان، ويدفع كل ما يعارضه من الشرك وغيره، وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل هذا المقصود فلا قتل ولا قتال).اهـ.
وقتال الحوثيين وردعهم عن فسادهم وإفسادهم وباطلهم من أفضل القربات وأجل الطاعات التي يتقرب بها العبد لربه سبحانه وتعالى، وتقدم حديث أبي موسى في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله». قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/308): (فالعقوبة على ترك الواجبات وفعل الْمُحرمات هي مقصود الجهاد فِي سبيل الله).اهـ.
ومن الشواهد على أن عاصفة الحزم من الجهاد الشرعي اجتماع المسلمين عليها وتآلف قلوبهم فيها بخلاف بعض الأعمال القتالية التي يزعم أهلها أنها جهاد شرعي فترى بينهم من التناحر والتفرق والقتال الشيء الكثير، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (15/ 44): (فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم الفتنة كما هو الواقع، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألف بينهم وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم، وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض).أهـ
وأما فضل الجهاد وفضيلته فالأدلة فيه كثيرة جداً، ومن ذلك قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95، 96]، وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]، وقوله سبحانه: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120، 121]، وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10 - 13]. وغيرها من الآيات كثير جداً.
ومن السنة ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: «لاَ أَجِدُهُ» قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ؟»، قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ».
وفي الصحيحين عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ الله أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ»، قَالُوا: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي الله، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ».
وفي الصحيحين عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».