د. عبدالواحد الحميد
اعتبر مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن التجنيد الإجباري «أمرٌ مهمٌ ومطلوب». هذه النتيجة التي انتهى إليها سماحته هي ما كان ولازال الكثيرون منا يرددونها، ليس فقط في أوقات الأزمات مثل حربي الخليج أو «عاصفة الحزم» وإنما في جميع الأوقات وذلك لِما للتجنيد الإجباري من فوائد جمة في أوقات الحرب وأوقات السلم على حدٍ سواء.
فالدول التي تطبق فكرة التجنيد الإجباري تستطيع خلال مدة قصيرة تجييش أعداد هائلة من مواطنيها لمواجهة أية احتمالات تتعلق بأمنها عندما تتعرض للتهديد او العدوان، وهي دول مهابة الجانب بما تملكه من احتياطي بشري مدرب تدريباً عسكرياً يخشاه الخصوم ويفرح به الأصدقاء والحلفاء ويبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين.
لكن فوائد التجنيد الإجباري لا تقتصر على ذلك، وإنما تتجاوزه إلى جوانب لا علاقة لها بالحروب والأزمات. فالتجنيد الإجباري هو مدرسة تتعلم فيها الأجيال الناشئة الصلابة والانضباط والاعتماد على النفس. والتجنيد الإجباري يمتص فراغ الشباب ويحميهم من الوقوع في الشرور التي يجبلها الفراغ ويقضي على صور التسيب والرخاوة التي نجدها لدى بعض الشباب ممن يجوبون بسيارتهم الشوارع والطرقات ليل نهار ويؤذون خلق الله بما يرتكبونه من مخالفات وتجاوزات.
وفي بلد كالمملكة يمكن أن يكون التجنيد الإجباري هو الحل المناسب للمساعدة في القضاء على البطالة المتفشية في أوساط الشباب. فمن المعروف أن المواطن السعودي يُقْبِل إقبالاً شديداً على أي فُرص تتيحها المؤسسات العسكرية للتدريب أو التوظف، وبذلك يمكن امتصاص أعداد كبيرة بشكل دائم أو مؤقت من الشريحة الشبابية الأكثر معاناة من البطالة.
وحتى لو كانت فترة التجنيد الإجباري مؤقتة فإن الشاب السعودي سيخرج منها بمهارات تساعده كثيراً على دخول سوق العمل المدني بهمة كبيرة والنجاح فيه، وأهمها الانضباط.
لقد حان الوقت لتطبيق فكرة التجنيد الإجباري في بلادنا وذلك باختيار الأسلوب الذي يناسب أوضاعنا وظروفنا من جميع الأبعاد، ومهما كانت السلبيات التي يرى البعض أنها تترتب على التجنيد الإجباري فإن الإيجابيات تفوقها وتتجاوزها، وهذا ما أثبتته تجارب الكثير من البلدان القريبة منا والبعيدة.