خالد البواردي
الكثير يتساءل عن الهدف من رسوم الأراضي البيضاء وعن تأثيرها على السوق العقاري وعلى المواطن أو التاجر، وهل سترتفع الأسعار أم ستنخفض بعد الإقرار، والحقيقه، ما دامت الآلية لم تقر فمن الصعب الحكم وكل ما ذكرناه سابقاً هو مجرد تكهنات، ولكن من قرأ قراءة سريعة للوضع نجد أننا أمام ثلاثة خيارات لا رابع لهم.
الخيار الأول، عدم الإقرار أو التأخير أو وضع آلية غير فعالة مما يعني بقاء الاحتكار على حاله، وهذا الخيار مستبعد لأنه يعني أنه لا يوجد حل لأزمة الإسكان كما أنه لا يتناسب مع الزخم الإعلامي الذي أخذه القرار أو الدعم الشعبي الذي صاحب هذا القرار.
الخيار الثاني، وضع آلية فعالة لفرض وتحصيل الرسوم تجبر المحتكر على التطوير أو البيع، وهدف وزارة الإسكان من هذه الآلية هو تحويل المخزون من الأراضي إلى معروض وبالتالي خفض الأسعار إلى النسب العالمية وهي أن تكون نسبة الأرض لقيمة المشروع لا تتجاوز 25%، وهذا يعني تخفيض أسعار الأراضي بنسبة 50%.
وفي هذه الخيار يتوقع أن تكون الرسوم على الأراضي الكبيرة أي بمعنى 5000 متر مربع وما فوق ولم يتم تطويرها. وفي هذه الخيار ستكون الرسوم ما بين 2.5 إلى 5% من قيمة المتر أو 10-120 ريالا للمتر، وهذا يعني دخل بمليارات الريالات للحكومة يمكن أن يستثمر في بناء وحدات سكنية أو شراء أراض وطرحها للمواطنين وهذا يعني زيادة المعروض وبالتالي انخفاض الأسعار..
الخيار الأخير، وهو الخيار الذي لم يتنبه إليه الكثيرون ألا وهو خيار ضرب عصفورين بحجر الرسوم، حل أزمة الإسكان العصفور الأول، وتغيير العادات الاستهلاكية للمجتمع وثقافته نحو مساحة المسكن وهو العصفور الثاني. وهذا يمثل أهمية كبيرة للدولة، فكلما زادت مساحة المسكن كلما زاد استهلاك الكهرباء والماء وعدد العمالة الأجنبية لصيانة ونظافة ذلك المسكن والحاجة إلى زيادة رقعة البنية التحتية، والجميع يعلم أن أسعار الكهرباء والماء لدينا مدعومة لذلك هي الأرخص في العالم، وأن الدولة تخسر مليارات سنوياً بسبب هذا الدعم. وبسبب هذه الأسعار المنخفضة، فإننا اليوم نستخدم هذه الموارد المدعومة بشراهة وبدون توفير. الحكومة اليوم أمام ثلاثة خيارات، إما التوعية لترشيد الاستهلاك وهذا الخيار لم ينجح رغم محاولات الجهات المسؤولة وذلك لأن الأسعار قليلة ولم تستطع تغيير ثقافة المواطن الاستهلاكية لهذه الموارد. الخيار الثاني، رفع الدعم بمعنى ارتفاع أسعار الماء والكهرباء، وأعتقد أنه محل دراسة. الخيار الثالث وضع رسوم على أي مسكن تزيد مساحته عن 500 متر.
بمعنى أن يقوم المواطن بدفع رسوم على أي مساحة يملكها تزيد عن 500 متر سواء مبنية أو غير مبنية. وهذا الخيار يعني الحد من التوسع في مساحة المسكن وبالتالي تقليل الاعتماد على العمالة وتقليل استهلاك الكهرباء والمياه، والتوفير في البنية التحتية وزيادة المعروض من الأراضي وبالتالي حل أزمة الإسكان وتوفير الماء والطاقة، ومن المزايا المهمة في هذا الخيار أنه يوفر العدالة في تقديم الدعم الحكومي، ففي الوقت الحالي الغني الذي يملك قصر عشرين ألف متر يحصل على عشرات أضعاف الدعم الحكومي الذي يحصل عليه مواطن مساحة منزله 600 متر.
مهما اختلفت التوقعات فإننا أمام قرار تاريخي آثاره ستكون بإذن الله إيجابية اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً ويصب في رفاهية المواطن ومصلحة البلد، ونسأل الله أن يوفق القائمين على وضع آلية فعالة تؤدي الغرض منها.