جاسر عبد العزيز الجاسر
قبل أعوام قليلة تداول المتعاملون في الشأن السياسي وخبراء التحليل السياسي مصطلح (الهلال الشيعي) بعد أن دأبت إيران على محاولة تطويق الدول العربية وبالذات دول الخليج العربية على فرض نفوذها في الدول الخليجية واختراق الأمن الاستراتيجي لإقليم الجزيرة العربية والخليج بالتمدد في الدول المجاورة وحققت ذلك في العراق ثم تمددت في سوريا ولبنان وكان المخطط أن يصل النفوذ الإيراني إلى الأردن إلا أن الأردن استطاع الصمود أمام محاولات إيران لتماسك مؤسساته الأمنية والعسكرية ومتانة الوحدة الوطنية، وتواصلت المحاولات الإيرانية لإكمال تكور الهلال الشيعي الذي هو بالحق هلالاً فارسياً، فحاول النظام الإيراني ابتلاع مملكة البحرين، إلا أن مساندة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي سارعت بإرسال قواتها إلى الجزيرة العربية لحماية منشآتها الحيوية وتترك للأجهزة الأمنية مهمة مواجهة أصابع التخريب الفارسية والتي خنقتها كثيراً إن لم تكن قد قضت عليها رغم بعض محاولات التخريب التي ينفذها عملاء نظام ولاية الفقيه الفارسي، وبعد أن فشلت محاولات أيتام الخميني ابتلاع مملكة البحرين، اتجهت محاولات التخريب, ثم ضم الأراضي العربية لامبراطورية الصفويين إلى جنوب الجزيرة العربية والخليج العربية لصنع قاعدة للهلال الشيعي الفارسي ووجدت في الحوثيين وفلول علي صالح الرئيس المعزول والذي وضع قواته في خدمة الأطماع الفارسية مقابل دفعات مالية اعتاد على تسلمها كل ما غير موقعه، وهو الذي اعتاد تغيير بوصلته وفق ما يحصل عليه من رشى وأموال، ومثلما أجهضت المحاولات الفارسية لابتلاع مملكة البحرين، الشرفاء من الدول العربية والإسلامية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية لمواجهة المحاولات الفارسية بابتلاع الدول العربية، فشكّلت قوة عسكرية أطلقت (عاصفة الحزم) التي ستدفن بإذن الله الأطماع الفارسية.
وإلى جانب ما حققته هذه الهبة العسكرية، أوجدت العديد من المتغيرات الاستراتيجية والسياسية وحتى الدبلوماسية، إذ أخذت تتشكّل في الفضاء السياسي المجاور لإيران دائرة حصانة وتأمين لحدود الدول المجاورة لإيران الذي ينهج منذ هيمنة ملالي قم وطهران على مقدراته، ينهج سلوكاً عدوانياً معادياً للدول المجاورة وهذه الدول تحيط بإيران كالحلقة، فمن الشمال تركيا ومن شمال الغرب جمهورية أذربيجان ثم أفغانستان وفي الجنوب باكستان ومن الشرق تشكِّل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حائط صد الأخذ بالتفاعل والتفعيل فقد كشفت عاصفة الحزم عن قدرات متتالية وأن لدول الخليج العربية قدرات ذاتية عسكرية متقدمة تستطيع أن تواجه الغطرسة الإيرانية وتعيد حكامها إلى صوابهم.