د. عبدالرحمن محمد السلطان
يعاني نظامنا التعليمي من ضعف شديد وترد في مستوى التحصيل العلمي للملتحقين فيه بصورة لا تخفى على أحد، ومن المؤكد أن هناك حاجة لوضع استراتيجية تعليمية جديدة تضع حداً لكل ذلك إن كان لنا أن ننجح في تنويع اقتصادنا ورفع مستوى أداء وكفاءة مواردنا البشرية. إلا أن هناك أمورا تسهم حالياً في تدني مستوى العملية التعليمية في بلادنا يمكن إصلاحها بجهد بسيط متواضع وليست مشكلات يتطلب حلها بذل جهود مضنية وتنفيذ استراتيجيات معقدة، من بين أبرزها التسيب واللامبالاة في العملية التعليمية كما تظهر من خلال اتساع عدم الاهتمام بالالتزام بالمواعيد الدراسية والذي يبدو جلياً في تعامل المجتمع مع إجازة منتصف العام الدراسي الثاني.
فكل من له علاقة بالعملية التعليمية سواء على مستوى التعليم العام أو التعليم الجامعي يعرف أنه وبسبب هذه الإجازة يضيع حوالي ثلاثة أسابيع من الفصل الدراسي الثاني، وليس أسبوع واحد فقط كما كان مفترضا عند إقرار هذه الإجازة، نتيجة غياب جزء كبير من الطلاب والطالبات في الأسبوع الذي يسبق الإجازة وفي الأسبوع التالي لها، في واحد من أبرز مظاهر التسيب وعدم تقدير العملية التعليمية في مجتمعنا. والعائلات التي تتعامل مع المواقيت التعليمية باحترام شديد وتصر على إرسال أبنائها لمدارسهم يحبطون بتوقف العملية التعليمية عمليا بسبب غياب معظم الطلاب الذي تشجع عليه المدارس من خلال إرسال رسائل غير مباشرة بل وأحياناً حتى مباشرة مفادها أنه لن يحاسب الطلاب المتغيبين عن غيابهم خلال هذه الفترة ولن يفوتهم شيء بسبب تعمد المدرسين عدم تدريس موضوعات جديدة، بل إن المدارس تتقصد خلال هذه الفترة عدم وضع اختبارات تضطر الطلاب للحضور ما يشجعهم على الغياب.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن المبرر الذي سيق لإقرار هذه الإجازة قبل عدة سنوات كان القول بأن في ذلك تشجيع للسياحة الداخلية بينما نجد الواقع أن جزءا كبيرا من المتغيبين عن الدراسة يقومون بذلك بسبب استغلالها للسفر خارج المملكة، فإن المبرر الأساسي لهذه الإجازة لا يبدو متحققا أيضا، والذي تحقق فعلا هو تشجيع السياحة الخارجية مع كل ما يرتبط بذلك من إنفاق خارجي سلبي التأثير على الاقتصاد المحلي، وهو ما يعطينا سبباً إضافياً للمطالبة بإلغاء هذه الإجازة والتعويض عنها من خلال جعل إجازة منتصف العام الدراسي أسبوعين بدلاً من أسبوع واحد، والذي سيسهم في ضمان استمرارية العملية التعليمية خلال الفصل الدراسي الثاني وجعلها أكثر انضباطا، كما يعطي انطباعاً بأننا جادون فعلاً في إصلاح نظامنا التعليمي وتحسين مستوى كفاءته وأدائه.