محمد بن حمد المالك
إن ما سوف أتطرق إليه في هذا الصدد لم أسمعه أو أنقله عن فلان أو فلان وإنما كنت من الشاهدين عليه ومن بين المنفذين له؛ وأعني بالرعاية الاجتماعية الدور والمراكز والمؤسسات الاجتماعية الإيوائية المعنية بخدمة ورعاية ذوي الظروف الخاصة من أيتام وأطفال ومعاقين ومسنين وأحداث من الجنسين، فهذه الفئة الغالية كانت محل اهتمام وعناية الملك فهد - طيّب الله ثراه- ومن بين ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- الجهات الإيوائية والمشار إليها كانت الجهة المسؤولة عنها والمشرفة على تنفيذ برامجها الإدارة العامة للرعاية الاجتماعية وهي ضمن الإدارات المرتبطة ارتباطاً مباشراً بوكيل الوزارة للشؤون الاجتماعية وميزانيتها ضمن ميزانيات الإدارات الأخرى المرتبطة بالوكيل وعندما علم الملك فهد من معالي الوزير في ذلك الوقت وافق على قرار أصدره مجلس الوزراء برئاسته تضمن تعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز وكيلاً لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لشؤون الرعاية الاجتماعية، وقد زاد من اهتمام وعناية سموه بهذا الجانب الإنساني المشرّف، وعلى الفور اعتمد هيكل تنظيمي لهذه الوكالة من قبل لجنة الإصلاح الإداري بموجبه ارتبط الوكيل ارتباطاً مباشراً بالوزير، كما أصبح بموجبه للوكالة ميزانية خاصة بها وقد أدى ذلك إلى رفع مستوى خدمات هذه الفئة الغالية.
2- أثناء مناقشة إحدى ميزانيات هذه الوكالة بوزارة المالية طرأ نقص على بعض بنودها عندما صدرت الميزانية العامة للدولة مما قطعاً سوف يؤثّر سلباً على الخدمة الواجب تقديمها لهذه الفئة وعندما عرض الأمر على الملك فهد أسكنه الله فسيح جناته من قبل معالي الوزير وجه برقية مؤثّرة لمعالي وزير المالية جاء من بين ما جاء فيها: (إن العناية بهذه الفئة أمر يفرضه علينا ديننا وتحتمه علينا وطنيتنا)، وقد أسفر هذا التوجيه الكريم عن دعم بنود ميزانية الوكالة بملايين الريالات وكان لذلك أكبر الأثر على مستوى الخدمات.
3- لم يتوقف الأمر على صرف هذه الملايين، بل أخذ بالاعتبار أثناء مناقشة كل ميزانية اعتماد المبلغ اللازم لكل بنود الوكالة كما اعتمد المزيد من الدور والمراكز والمؤسسات الاجتماعية والوظائف اللازمة لها وللقائم منها وإقامة المباني اللازمة الملائمة لهذه الفئة والمبالغ اللازمة للشركات القائمة على العناية الشخصية بهم وكذلك ما تتطلبه إجراءات البحوث والمتابعة اللاحقة لمن أنهوا إقامتهم بالجهات المشار إليها، هذا قليل من اهتمامات الملك فهد ببرامج وخدمات الرعاية الاجتماعية على المستوى الحكومي والأهلي.
4 - أما بالنسبة للخدمات المماثلة التي تقوم بتنفيذها جمعيات البر والجمعيات الخيرية بإشراف الوكالة فموقف الملك فهد منها واهتمامه بها أنقذها ممن رأى دمج القائم منها بكل منطقة بجمعية واحدة ووقف تسجيل أي نوع من هذه الجمعيات وما إلى ذلك مما جاء في الهجوم عليها فعندما عرض عليه أمر هذه الجمعيات وما قيل عنها مما لا يليق بها وبخدماتها أمر وكعادته في الوقوف على الأمر قبل اتخاذ القرار اللازم بتشكيل لجنة برئاسة الوكيل المختص بالوزارة للقيام بزيارة ميدانية للقائم منها في ذلك الوقت وعددها (85) جمعية وعندما عرض عليه تقرير اللجنة بعد انتهاء الزيارة الميدانية قال إن ما ذكر عن الجمعيات شيء طيب ووجه - رحمه الله- بضرورة متابعة أعمالها وأنشطتها حتى لا تخرج عن الهدف الذي قامت من أجله، كما وجه بالرفع للمقام السامي عن الجمعيات المراد تأسيسها وبدلاً من دمجها توالى اعتماد الكثير منها في جميع أنحاء المملكة الأمر الذي معه ربما وصل عددها الآن إلى قرابة (600) جمعية.
هذا كما ذكرت آنفاً جزء قليل من تاريخ الملك فهد الإنسان الاجتماعي رأيت أن أشير إلى ما أعرف عن هذا التاريخ المشرّف بمناسبة افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان معرض وندوات تاريخ الملك فهد - تغمده الله بواسع رحمته- وأرجو ألا ينسى القارئ عبارة (إن العناية بهذه الفئة أمر يفرضه علينا ديننا وتحتمه علينا وطنيتنا) وما ترتب عليها من إنجازات كبيرة أسأل الله أن يضيف ذلك إلى ميزان حسناته وأن يجزيه خير الجزاء لقاء كل اهتماماته في هذا المجال وغيره.
والله ولي التوفيق.