د. عبدالعزيز الجار الله
تبقى السياحة في بلادنا الاقتصاد المهدر، الأمر لايتعلق بهيئة السياحة، فهيئة السياحة لاتسطيع لوحدها خلق سياحة داخلية إذا لم تتعاون معها وزارات عدة: المالية، التخطيط، الداخلية، التجارة، وإمارات المناطق. لدينا شواطئ تصل إلى (3000كم)، سواحل البحر الأحمر طولها يصل (2000كم) متعرجة من شمال تبوك حتى جنوب جازان، وسواحل الخليج العربي تصل إلى (1000كم) من رأس الخليج شمالا وحتى جنوب الإحساء ولكن لم تستغل في السياحة باستثناء بعض المشروعات التجارية وتحلية المياه والموانئ وبعض المدن والمحافظات في حين أن بعض دول العالم تعيش على اقتصاد السواحل والسياحة باعتبارها المورد الأول لاقتصادها، وأقرب مثال في الوطن العربي والإقليمي هما أكبر دولتين في الشرق الأوسط من حيث السكان والأهمية الديموغرافية والسياسية هما مصر وتركيا يقترب سكانهما من (100) مليون نسمة للدولة الواحدة، وهما من غير الدول النفطية يتغذى اقتصادهما على التجارة البحرية والسياحية نتيجة إطلالتهما على بحار: مصر على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وتركيا على البحر الأسود، الأبيض المتوسط، بحر ايجة، بحر مرمرة. وتعد من أقدم العواصم في العالم الإسلامي ومركزا للتاريخ والحضارة والخلافة الإسلامية وهذا جعلهما (مصر وتركيا) المركز السياحي الأهم في الشمال الأفريقي والمنطقة العربية وآسيا (الصغرى) واستمرتا مصر وتركيا في التغذي على تجارة السواحل والسياحة طوال تاريخهما القديم والحديث، ونحن في بلادنا لم نحرك عامل السياحة للداخل والأجانب رغم وجود سواحل تتميز ببيئة طبيعية تجمع بيئات: الشواطئ، الرمال، الجبال، مرتفعات الهضاب. تتميز بلادنا بجيومورفلوجيا مركبة في البناء الجيولوجي وأسرة في جمالها الطبيعي وتكوينها المتضاد للمكونات الطبوغرافية: الشواطئ، الكثبان الرملية، الجبال كما في غرب المملكة، والشواطئ، السهوب غير العشبية، الرمال في شرق المملكة. ورغم ذلك لم تستغل كما يجب ولم تستثمر السياحة الداخلية مما كونت الدافع القوي للهجرات إلى الخارج في مواسم الصيف والعطل الطويلة والقصيرة، وأيضا تفريط وهدر للأموال، وتعطيل للدورة الداخلية للاقتصاد المحلي.
مليارات تخسرها المملكة سنويا بسبب فشل السياحة الداخلية وتتعطل شريحة من المجتمع يفترض أن تعيش على قطاع السياحة في مدن وقرى السواحل والمرتفعات الجنوبية والغربية لبلادنا والمدن الواقعة على هامش قوس رمال النفود الكبير والنفود الصغير (الدهناء) وأطراف الربع الخالي، فهل نفكر بجد في جعل السياحة مصدراً من مصادر الدخل.