لم يبق ما نقوله، أو نكتب عنه، أو نذكّر به، فالتطورات تتسارع بأكثر مما كنا نفكر فيه ونتمناه، أو نستعد للكتابة عنه، والأخطار المحدقة بمنطقتنا ودولنا لم تعد قائمة بعد أن كان هناك من يحاول حجبها عن الأنظار بكلام ناعم أو معسول، أو مناورات كلامية في محاولة لتغيب فيها ومعها الحقيقة، وبالتالي يتم تخديرنا عن مشاهدة ما يتم التخطيط له ويجري على الأرض للإضرار بنا.
***
فبعد العراق وسوريا، كانت اليمن مرشحة لتكون الدولة الثالثة التي تسقط بيد - إيران لا بيد الحوثيين- ضمن مخطط ممنهج وخطير ظلت دول العالم تلتزم أمامه الصمت المطبق، وكأنه لا يشكل أي ضرر على السلم في المنطقة، ليغري هذا المناخ العدواني الشرس والصمت الدولي قوى الإرهاب دولاً ومنظمات لممارسة نشاطها دون خوف من عقاب.
***
أمام هذه التطورات فقد كانت دول المجلس تعلن مراراً أن ما يجري في اليمن الشقيق ليس مقبولاً، ولن يتم تجاهله أو التهوين من آثاره، كما لا يمكن السكوت عنه، وإلا فإن دول المنطقة عندئذ ستكون مهددة في استقرارها ومصالحها وأمنها، وهو -كما نعرف- خط أحمر، حين ملامسة الحوثيين له، فكان لابد من مواجهتهم بالقوة التي أعادتهم إلى حجمهم الطبيعي، حتى لا يتمادوا في التوسع والتهديد والسيطرة على كامل الأرض اليمانية.
***
لقد حانت اللحظة التي قالت فيها المملكة ودول مجلس التعاون للحوثي المتسلط الكلمة التي يعرف جديتها، وأوصلت إليه الصوت المدوّي الذي يعرّفه بحجم غضب دول المنطقة، وأن التعامل معه سيكون باعتباره تنظيماً خطيراً ومشبوهاً، وأنه مجموعة إرهابية غير منضبطة، وأنه بالمختصر المفيد عميل ينفذ توجيهات سيده المطاع إيران الخميني.
***
فعاصفة الحزم التي انطلقت مساء أمس الأول أكدت على أنه لن يسمح للحوثيين بالوصول إلى عدن وبقية مدن الجنوب، أو تمكينهم من التحكم أو السيطرة على مضيق باب المندب، أو التواجد على أي من الحدود الثنائية الذي يجعل من تواجده تهديداً مباشراً وخطيراً لجيرانهم، أو بقاءهم يتحكمون بالعاصمة اليمنية صنعاء، وبأي من المدن الأخرى ومؤسسات الدولة، تتساوى في ذلك القوات المحسوبة على الحوثيين، أو تلك التابعة للرئيس المخلوع العميل الآخر علي عبدالله صالح.
***
إن الاعتماد على النفس، وعلى القوة العسكرية الضاربة لدى المملكة ودول مجلس التعاون، وعلى حافز الحق والعدل والقانون هي ما وضع البوصلة باتجاه إفشال انقلاب الحوثيين وحزب عبدالله صالح، وإعادة النظام الرئاسي الشرعي المنتخب لليمن السعيد إلى ما كان عليه قبل سقوط العاصمة صنعاء، ومن ثم حماية دولنا من العبث الإيراني، وتجنيبها آثار مخطط المؤامرة الإيرانية التي أوكلت تنفيذها إلى أدواته من العملاء على الأرض.
***
لقد أخذت الدبلوماسية، واقتراح مبدأ أسلوب الحوار، والسعي من العقلاء إلى المصالحة، حقها من الوقت لمعالجة هذه التطورات، غير أن مشروع عبدالملك الحوثي يرى أن هذا التوجه إضاعة للوقت، وأن الحوثي غير معني به، بمعنى أنه كان ماض في الاستيلاء على كامل اليمن، بشكل لا لبس فيه ولا غموض، دون أن يعبأ بالاحتجاجات، أو يعطي بالاً للمعترضين، ولهذا كان يجب تأديبه بالضربات الاستباقية الناجحة.
***
فهل بعد هذا، ما يمكن التفكير به غير هذا لثني هذا العميل الخطير عن تنفيذ الأجندة الإيرانية التي تملى عليه وعلى شريكه في مشروع المؤامرة علي عبدالله صالح لولا عاصفة الحزم، وهل بعد هذا التهديد الحوثي شديد الوضوح والصراحة لجيرانه ما يمكن أن يجعلنا بانتظار حل يأتي من مجلس الأمن لإنقاذ اليمن ودول المنطقة من الهيمنة الإيرانية بغير هذا العمل البطولي الذي قامت به قوات دول مجلس التعاون لدول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية، وهل كان الحوار مع هؤلاء العملاء سيجدي نفعاً لولا هذا القرار التاريخي الذي أخذه قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج ، نترك الحكم في هذا للتاريخ وللنتائج التي ستكون -إن شاء الله- لصالح اليمن وبقية دول المنطقة.