فهد بن جليد
ماذا تفعل عندما تكتشف أن هناك (فساداً) يقع أمام عينيك، أو على مرأى منك، سواء في (مقر عملك)، أو حتى بالصدفة في مكان عام؟!.
أكاد أجزم أن السواد الأعظم سيُطبق مقولة: (ابعد عن الشر وغني له)، ولسان حاله يقول (لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم)، إلى غير ذلك من المقولات الانهزامية، التي تدعو المواطن إلى السير (بجوار الحيط) وترديد مقولة يا ساتر، و(السلامة) غنيمة!.
قصص عديدة (مُفبركة) يتم الترويج لها بين أوساط الناس، لتقتل بداخلهم أي (نخوة) أو (فزعة) أو (غيرة) لمُحاربة الفساد أو كشفه، حيث يصوّر بعضها الضرر النفسي والمادي الذي وقع على (المُبلِّغ) كونه تدخَّل فيما لا يعنيه، والبعض يقول: طالما أن هناك (هيئة رسمية) لمُكافحة الفساد فما شأني؟.. فهذا عملهم وواجبهم؟!.
المسألة لا تخص (هيئة مكافحة الفساد) وحدها، نُخطئ كثيراً إذا اعتقدنا أن (نزاهة) هي المسؤولة عن مُحاربة الفساد، وكشفه، فالمال المسروق، والمنهوب، و(المُعتدى عليه) هو مالي أنا، ومالك أنت، ومال أطفالنا ومجتمعنا، وواجب حمايته يقع علينا جميعاً، بالتعاون مع الهيئة بالطبع، التي أعتقد أنها ما زالت بعيدة عن المواطن، ولم تقترب منه بالشكل المناسب الذي يدفعه ليكون شريكاً في (كشف الفساد) و(فضحه)؟!.
صحيح أن (نزاهة) ظهرت علينا كجهة تنظيمية العام 2011م، ولكن مُحاربة الفساد (واجب ديني ووطني) تشرَّبه المواطن السعودي منذ وقت مُبكر، مما يعني وجود الاستعداد النفسي والاجتماعي للمشاركة، لذا أعتقد أن الهيئة مُطالبة بالقرب أكثر من كل فئات المجتمع، بإستراتيجيات جديدة في التعليم، وعبر منابر الجُّمع، ومن خلال وسائل الإعلام، غير تلك العبارات الإرشادية (الجامدة)، فنحن بحاجة إلى خطوات عملية، وأرقام فاعلة لقضايا تبين كيف ساهم مواطنون آخرون في كشف الفساد فيها، وإيقاف هدر المال بغير وجه حق، إضافة إلى خطوات (التبليغ) وكل الاحتمالات المتوقعة، خصوصاً في مسألة حماية المُبلِّغ، والتحري عن المصداقية!.
المواطن أو المقيم هو الشريك الحقيقي في كشف الفساد ومُحاربته، ولن تنجح كل سُبل الرقابة ما لم يتفاعل معها المجتمع، الخطوة الصحيحة لمُحاربة الفساد تكمن بالقرب من المجتمع لينحاز للحق، بدلاً من الصمت!.
وعلى دروب الخير نلتقي.