غسان محمد علوان
استقالت إدارة الهلال بعد سبعة أعوام من تسيّد كرسي القرار في النادي، وأقالت من فورها المدرب الروماني المهترئ فنياً ريجيكامف. فوجد الزعيم نفسه يعاني الأمرين في مراحل الحسم في الموسم الرياضي الحالي. ومردّ تلك المعاناة ليست الإقالة ولا الاستقالة، بل هي معاناةُ العليل مع مرّ الدواء في طريقه للاستشفاء. لا مناص منها ولا مهرب، فالصبر على ذلك فقط هو المطلب بعد مكابرة طويلة امتدت لسنوات. وإن كانت دائرة الملامة لا تستثني لاعبي الفريق. فهم أول من استسلم في مواجهة هذا الظرف الطارئ، رغم كل ما يملكونه من مستويات ومقدرة. فليس من المنطقي أن تشاهد اللاعبين فاقدين للذاكرة الكروية بهذا الشكل المرعب. بلا روح، بلا قتالية، والكثير من الأخطاء البدائية في التمرير والتسديد.
ولكن السؤال المهم: هل يجب على الهلال أن يعاني ويهتز وتتزلزل الأرض تحت قدميه كلما تغير تشكيله الفني أو الإداري؟
ففي ظل هذا الوضع الصعب، والحراك الشرفي الملموس، يجب على الهلاليين أن يستغلوا هذه الفترة الانتقالية لتشييد بناء متين لا يضيره من أقام فيه أو ارتحل عنه. يجب عليهم منذ الآن وليس غداً، تفعيل هيكلة جديدة مؤسساتية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ترتكز على مبدأ (الإدارة العامة المتخصصة).
وما أعنيه هنا هو إيجاد مظلة كبيرة للنادي غير مرتبطة بإدارة تنفيذية معينة، تراقب وتؤثّر عبر لجانها أو أقسامها في المفاصل الحيوية في عمل النادي.
يجب فصل منصب رئيس مجلس الإدارة عن منصب الرئيس التنفيذي للنادي، مع ضمه كعضو لمجلس الإدارة فقط. ويكون دوره تنفيذياً بحتاً عبر خطط إستراتيجية يقدمها لمجلس الإدارة ضمن ميزانية محددة وأهداف مرسومة قابلة للقياس والتحقيق عبر خطط العمل، وكل ذلك يتم بموافقة ومباركة مجلس الإدارة.
يجب إيجاد إدارة فنية مكونة من لاعبين سابقين ذوي خبرة كبيرة وتجربة ثرية لتكون مسؤولة عن اختيار المدربين لمختلف فئات النادي، وتتدخل أيضاً في ملفات الأجانب المراد التعاقد معهم كأسماء ومراكز واحتياج. لتضمن بذلك عدم اهتزاز الفريق فنياً متى ما رحل مدرب أو قدِمَ آخر، إما بمد يد العون لمن يتم تكليفه فجأة، أو بتحمّل أحد أفرادها لتلك المهمة مؤقتاً لحين إعادة ترتيب أوراق الفريق فنياً مرة أخرى.
يجب إيجاد قسم للاستثمار والتسويق يعمل على إستراتيجيات طويلة المدى، دون الركون للأفكار المفاجئة أو الاقتراحات اللحظية. وهذا القسم هو الأسهل إنشاءً والأسرع تفعيلاً في ظل وجود الكثير من الكوادر القادرة والراغبة في أخذ زمام المبادرة في هذا المجال، ولكن بعقود عمل رسمية وعروض حقيقية بعيداً عن أوهام العمل التطوعي والارتكاز على خدمة النادي بلا مقابل.
هي فرصة ذهبية لتقديم النادي الأنموذج إدارياً، فمن رحم المعاناة تولد مثل هذه المبادرات التي تجعل الفترات الصعيبة في تاريخ المؤسسات، نقطة انطلاق لما هو أجمل وأجدى، فهل يتحرك محبو الزعيم لضمان سلامته على المدى الطويل، أم أنهم استعذبوا الفزعات وأدوار المنقذين؟
خاتمة...
صَبْراً جميلاً على مانابَ من حَدَثٍ
والصبرُ ينفعُ أحياناً إِذا صبروا
الصبرُ أفضلُ شيءٍ تستعينُ به
على الزمانِ إِذا ما مسَّكَ الضررُ
(عبدالله بن الأحوص)