د. عبدالرحمن عثمان المرشد
انتقال السلطة مرحلة حاسمة يعي الساسة خطورتها؛ ففي بعض البلاد ما أن يعلن عن خلو منصب الحاكم يسري شعور لدى معتادي الخروج على النظام إلى الظن أن لا رادع لهم في اقتراف الجرائم وما تلبث فيه الدولة ابتداء بالعاصمة أن تنتشر فيها الفوضى ويضطرب الأمن وتسلب الأموال وربما لحقتها الأنفس والأعراض, لهذا تعمد بعض الحكومات إلى تأخير إعلان خلو المنصب وتسارع الخطى في استنفار قواتها وربما أعلنت حالة الطوارئ وما يتبعها من إجراءات احترازية يشوبها شيء من التعسف بغية ضبط الأمن إلى حد يمكنها من نقل السلطة.
وعايشت شعوب العالم صنوفا من انتقال السلطة بعضها سلمي وآخر دموي كما تابع العالم بعض البرامج الانتخابية والتي لا تخلو من وعود طموحة قد لا يتمكن المرشح من تحقيقها إما لأنها خيالية هدفها كسب المعركة الانتخابية أو لاصطدامها بمعارضة صلبة لها ذات الطموح في الانتخابات القادمة، وقد لا تكون محقة في معارضتها، ولكن كما قال أتباع مسيلمة (كذاب بني حنيفة خير لنا من صادق مضر) عليه الصلاة والسلام.
ومن البلاد التي شهدت قبل أيام انتقال السلطة فيها وطني المملكة العربية السعودية هذا الانتقال أبهر العالم نعم وطني أبهر العالم..
وطني أبهر العالم يوم أعلن الديوان الملكي بشفافية متناهية في الصدق في ساعة متأخرة من الليل نعى ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز , خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه, وانتقال السلطة لولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكا للبلاد مقرونا باختيار الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد انتقال سلس امتزجت به دموع الحزن على الوالد الراحل بدموع الشكر لله على تمام انتقال السلطة للإمام الجديد دون فوضى أو اضطراب.
وطني أبهر العالم يوم لاحظ الهدوء يسكن الحياة العامة والناس يتعاملون مع الخطب الجلل والمصيبة بوفاة قائد الأمة بإيمان بقضاء الله وقدره لم يمنعهم حزنهم من مواصلة حياتهم العامة تحفهم السكينة متفائلين بمستقبل وارف مع الملك الجديد.
وطني أبهر العالم يوم رأى الشعب الأصيل يتوجه أفراد وجماعات كبارا وصغارا إلى ديوان الحكم في مشهد مهيب عجزت ألسن بلغاء الإعلام عن وصفه وهم ينقلون عبر الفضائيات عبادات متتالية أولها الصلاة على فقيد الأمة ثم تشييع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير ثم تقديم العزاء فيه أو بالأحرى أخذ العزاء فيه ويختمونها بعبادة لها عظمة في النفوس وقدر في الشرع وهي البيعة للملك الجديد.
وطني أبهر العالم يوم صارت الرياض قبلة ساسة العالم لتقديم العزاء وتأكيد مواصلة التعاون مدللين على أن العهد عهد واحد
إن غاب منا سيد قام سيد *** قؤول لما قال الكرام فعول.
وحضور هذا الحشد من ساسة العالم يدل على أن متانة السياسة السعودية وتأثيرها في مجريات الأحداث العالمية فأساس السياسة المصالح للعواطف ولا يجهل كائن من كان في أي مكان علو مكانة اقتصاد وطني وأهمية ثروته النفطية في دوران عجلة الحياة في العالم.
وطني أبهر العالم يوم اهتزت منابر المساجد على رأسها الحرمين الشريفين وأولى القبلتين بالدعاء لفقيد الأمة الإسلامية, رفع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها أكف الضراعة لمالك الملك بقدر رباني دون اتفاق أو سابق توجيه محيين سنة من قبلهم من المسلمين في إقامة صلاة الغائب على كل فقيد أبلا لأمته البلاء الحسن فالمنصفون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا ينسون ما أنفقه عبدالله بن عبدالعزيز على مواساتهم في الكرب ولا ينكرون مواقفه السياسية في الذب عنهم وقت المحن ومن ذا يجحد عمارة الحرمين وخدمة ضيوفهما.
وطني أبهر العالم يوم استهل الملك سلمان بن عبدالعزيز بحنكة سياسية أول أيام الحكم بأمر تعيين ولي لولي العهد ليرسي دعامة رصينة من دعائم الاستقرار السياسي, وأبرز ما في هذا القرار الحكيم دخول الجيل الثاني من نسل جلالة الملك المؤسس طيب الله ثراه, والذي قوبل بارتياح شعبي وثناء دولي ولعل العالم شهد توافق العائلة المالكة عندما رأى عن قرب بيعة وتهنئة أبناء العم لولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز.
وطني أبهر العالم يوم هطلت على وسائل التواصل الاجتماعي ابتداء بتغريدات تويتر مرورا بصفحات الفيس بوك وانتهاء بالمنتديات وقبلها الوتس آب التعازي بفقيد الأمة رحمه الله والتهاني بتمام البيعة للملك الجديد أيده الله, حالة فريدة شهدها العالم حالة التوافق الشعبي في المملكة العربية السعودية فلا أحزاب متناحرة ولا قوى متربصة بكرسي الحكم.
وطني أبهر العالم يوم بادر الملك سلمان أيده الله بإظهار الجدية في إدارة شؤون الدولة بتغييرات وزارية ليفسح المجال لقيادات إدارية طموحة في تقديم خدمات الهيئات الحكومية برؤية جديدة تكمل مسيرة من سلفها, شعارها نبدأ من حيث انتهى الآخرون.
وطني أبهر العالم يوم جادت يد العطاء بأمر سلمان الخير صرف راتب شهرين شملت غالبية الشعب الوفي , وأبهر العالم يوم تأسى أصحاب الأعمال بل وحتى الأفراد بملك الخير فمنحوا مكافأة للعاملين لديهم فعمت الفرحة كل نفس , ولا يخفى ما لهذا القرار من أثر إيجابي على الاقتصاد يتحرك بها ما كسد في الأسواق ويروج ما نفس من البضائع.
وطني أبهر العالم يوم أمر الملك سلمان أيده الله بالعفو عن السجناء فخلق فرصة لكل نفس عاتية بالعودة لجادة الصواب , وهي سنة خالدة توارثها الخلفاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وآخر المقال: أمام هذا التوافق الشعبي المبهر أبت شرذمة من الأنفس المريضة بالحقد والحسد إلا أن تبث ما حوته نفسها الخبيثة من سموم في بعض وسائل التواصل الاجتماعي متناولة الحدث برؤية خرافية وتصورات غبية فانبهرت من الصفعات الغيورة المتمثلة بالردود المنطقية العنيفة ولم تجد سمومها منفذا على شعب يدرك أهمية الاستقرار السياسي ويعي أثره الإيجابي على الأمن والاقتصاد.
فيا باغي الشر أقصر فلن يرضى أبناء وطني أن يبدد ملك أسسه أجدادهم بقيادة البطل ابن سعود ولن يرضى عربي حر بانفلات الأمن فتهتك أعراض حرائره ولن يرضى المسلمون بنشر الفوضى على أرض الحرمين والتطاول على مقدساتهم ولن يرضى العالم على اختلافه عرقا ودينا ولسانا بتهديد الاقتصاد وتعطل تدفق النفط والعبث بمقدراتهم.
فعلى السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله ولو على أثرة علينا بايعنا على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الملك سلمان ابن عبدالعزيز وولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز بيعة يسير على خطاها الأحفاد وفاء لبيعة الأجداد.