د. محمد بن عويض الفايدي
الرؤية السعودية تجاه خطر الإرهاب تبنت الاستشراف منهج استشعار لحجم التهديد المدمر الذي تنطوي عليه الأحقاد في نفوس أرباب الفكر المتطرف المنغلق على فئة منبوذة من مجتمعاتها، ولم تجد القبول تحت أي ظرف تستغله أو دعاية مغرضة تبثها. فضلاً عن الشعور باليأس والانهزامية التراكمية.
برعاية مخلصة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «يحفظه الله» يفتتح نيابة عن «أيده الله» مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل المؤتمر العالمي (الإسلام ومحاربة الإرهاب) الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بمقر الرابطة في مكة المكرمة بتاريخ 3-5-1436هـ الموافق 22-2-2015م.
التهديد الكلي الذي استهدف معطيات التنمية واقتصاديات الدول ودمر منجزات المجتمعات هو نفسه الإرهاب الذي يقتل الأنفس المعصومة دون مقدمات أو ذنب يقترف، وهو الذي يهز العالم بممارسات بشعة مجردة من الأديان والقيم والمبادئ الإنسانية، والإسلام بريء كل البراء ذلك أن الإسلام دين الرحمة ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة المهداة من الرحمن الرحيم.
التنظيمات المغرضة تبنت الإرهاب وأعلنت انتمائها للإسلام والإسلام منها بريء، ولم تقدر زعامات تنظيمات الإرهاب المغرضة الإسلام حق قدره بل أطلقت كنى لتضفي بها على نفسها سمة الإسلام وهي في حقيقتها أبعد ما تكون عنه لتشوه صورة الإسلام العادلة وتزيد الحقد على أهله. تلك التنظيمات الإرهابية لا تمت للإسلام بصلة وهي ممقوتة من المسلمين الحق كل المقت.
يظل الإرهاب هو الإرهاب القتل من أجل القتل تبريراً لضغائن وأحقاد ظالمة لا يقرها الدين الإسلامي الحنيف ولا يقبل بها ويرفض ويزجر كل من ينتمي إليها أو يؤيدها ويعتبره خارج عن ملة الإسلام.
عظم الإمعان في الطغيان الإرهابي تبرير لغاية القتل وهدف التدمير بحجج واهية ظاهرها رفع الظلم ونصرة المظلوم وباطنها إزالة الدول وإزاحة الأنظمة الحاكمة وتدمير منجزات الشعوب ومعطيات التنمية التي بُذل فيها الكثير من الجهد والوقت والمال لتسحق في لحظات من قبل تنظيمات تديرها عصابات مغرضة بذرائع مختلفة شوهت كل شيء لأغراض بسط نظام حكم وخلافة أيديولوجية تتهاوى حججها وتتبدد أوهامها في وحل التظليل وانحراف المنهج.
بتاريخ 5 شوال من 1435هـ وجه المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز نداء للعالم أوضح الرؤية الوطنية ضد الإرهاب في خطاب تاريخي موجه للعالم والعلماء، تضمن إستراتيجية شاملة بخطة عمل وآليات تنفيذ في توجه وطني يتبناه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «أيده الله» يستلزم العمل الدولي الجماعي المشترك لمواجهة خطر الإرهاب والتصدي لعناصره وتنظيماته بعمل موحد ينطلق من مسؤولية تاريخية مشتركة تضع الخطط وتطور الوسائل وتبتكر الأساليب وتضع قواعد وأسس تضامنية للتعاون الدولي لمواجهته بكل عزم وحزم.
الإرهاب بأبشع صوره بتاريخ 14 ربيع الأول يعتدي بيد غدر وخيانة على حراس حدود المملكة من حرس الحدود بمنطقة الحدود الشمالية بمركز سويف ليتحطم على المعصم الفولاذي للأمن السعودي السلوك الإرهابي الإجرامي ويستشهد في ملحمة صده وإفشال تخطيه الحدود ثلاثة من رجال الأمن الذين سطروا أروع ملاحم الشجاعة والبسالة المتخطية لكل حبائل السوء والمكر والخديعة، ليظل داخل المملكة محفوظ بحفظ حدودها.
بتاريخ 6 رمضان من عام 1435هـ استشهد أربعة من رجال الأمن تمكنوا من صد الهجوم الإرهابي الغادر على الحدود الجنوبية للمملكة. في حين توسط الحادثتين عملية الدالوه الإرهابية بالمنطقة الشرقية في منتصف محرم من عام 1436هـ ليستشهد بها أحد منسوبي الحرس الوطني وستة من المواطنين بينهم أطفال في مشهد هدفه أشاعت الذعر والترويع بأجندات معادية تعيش وهم الإفساد وبث الفرقة وإشاعة الطائفية لتمزيق الوحدة الوطنية وزعزعة الاستقرار وتبديد منجزات التنمية الوطنية وإعاقة التلاحم الاجتماعي والتقارب المجتمعي الذي بددته ملحمة البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «يحفظه الله» وإعادة إنتاج اللحمة الوطنية بقوة علنية من كافة أطياف المجتمع السعودي المتلاحم.
المواطن السعودي يدرك الاستهداف المعادي والشعارات الزائفة التي لم تُنقذ دعاتها من مصيرهم البائس في مشاهد علنية، فضلاً عن الذل المستتر الذي ما يلبث أن يتكشف ليتضح معه الزيف والإفلاس المادي والمعنوي لتنظيمات الإرهاب المتردي في سوء المصير ونتائج الأفعال الخائنة لكافة المعاني الحسية والمعنوية.
داعش والجهاد والنصرة اشتقاقات قاعدية، وأبو مصعب الزرقاوي وأبو محمد الجولاني ومحسن الفضلي والبغدادي. خلاصة ذلك تنظيمات مغرضة ومسميات حركية جوفاء أساءت للدين وأحدثت تشوهات تراكمية في واجهة الإسلام وقبول المسلمين في منظومة الشعوب الأخرى أحدثت تحول جذري من الاطمئنان المطلق للمسلم إلى خوف مُرهب من المسلم رسخ الوجل وعظم الخوف. هذا التحول في النظرة الوجلة من المسلم أسهم في تشكل صورة سوداوية عن الإسلام وأهله لتظل نمطية مظلمة لدى الغرب والشرق تعلن في سياق النظرة العابرة إلى المسلم بأنه مصدر خوف وغلق بعد أن كان واحة طمأنينة ولوحة سلام ثمن بخس قبضته تنظيمات مغرضة لا تضيف للأمة إلا ما هو أدنى.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز « حفظه الله» برعايته لهذا المؤتمر فهو بيد حانية على شعبه وأمته والإنسانية جمعاء وبيد يضرب بكل قوة على أطناب الإرهاب وبحزم وعزم لاجتثاث جذوره بإستراتيجية سعودية واضحة المعالم معلنة على العالم لا تقبل المساومة هدفها حفظ أمن الوطن والمواطن والمقيم وسلامة وضمان الأمن والسلم الدولي.
التحول في منهجية المعالجة أضحت حتمية لمن له السبق. العمق الأمني فضاء عالمي لضمان سلامته على الجهود الوطنية والخليجية والدولية أن تلتقي من اجل الوصول إلى بؤر التدعش في مواقع التفريخ لنزع فتيل محاضن الإنتاج ومنع تصدير المنتج برده لمنتجيه بالاستفادة القصوى من معطيات التقنية المتقدمة، ومراكز البحوث والدراسات، ومن التكتل الدولي وجهود الهيئات والمنظمات الدولية ضد الإرهاب، وبتدابير التوسع في عقد المزيد من الاتفاقيات والمعاهدات، وتوسيع دائرة التحالفات من أجل تجفيف المنابع وقطع كافة خطوط الإمداد، برؤية تدحر الإرهاب والأفعال الإرهابية بعيداً عن حدود المملكة ضمن خطة عالمية متكافئة تضمن تحقيق الهدف المشترك للعالم أجمع هدف تحقيق الأمن والسلم الدولي وضمان الاستقرار العالمي الذي تنشده الشعوب وتتطلع إلى تحقيقه بتوحد الرؤى وتضافر الجهود في نتائج مؤتمر مكة المكرمة البلد الحرام مؤتمر (الإسلام ومحاربة الإرهاب) الذي ينعقد في وقت حرج وفي ظل تحديات تمر بها الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع بمنتهى التعقيد، ومقابل ذلك الآمال معقودة بفضل الله وبالجهود المخلصة من رابطة العالم الإسلامي والقائمين عليها أن يصل هذا المؤتمر إلى نتائج تسهم إسهاما فعالاً في التصدي لمخاطر الإرهاب العلنية والمستترة وأن تتركز التوصيات في توصية واحدة أو توصيتين يُجمع الحضور عليها ويلتزم الجميع بتنفيذها بعيداً عن الهدر المعهود لنتائج وتوصيات المؤتمرات الكثيرة في طيات أوراقها ولكنها بعيدة عن التنفيذ كما هو في سجلات التاريخ وبين مساحات الرفوف.