سعد البواردي
إذا كانت الخسارة في الحال وجيعة.. فإن الخسارة بفقد الرجال فجيعة.. المال يمكن تعويضه والاكتفاء منه باليسير.. أما الرجال الرجال فإن رحيلهم خسارة لا تعوض.. لأنها آمال.. والآمال لا يستردها مال..
ولقد رحل.. برحيله فقد الوطن عالماً عبقرياً ولج صرح العلم من أوسع أبوابه.. وعبر عمر مبكر يشهد له بالنبوغ.
نال دبلوم الدراسات العليا في الفيزياء الجزيئية من جامعة مانشستر عام 1969م ونال الدكتوراه في كيمياء الكم من جامعة جنوب ويلز عام 1969م.
كان الأكاديمي في علم الطبيعة.. والمفكر الكبير.. والشاعر الموهوب.. والفيلسوف المحلق والمتحدث المفوه.
ليس هذا فحسب كان الشجاع الذي يمتلك جرأة المواجهة متسلحاً بسلاح الاشباع والاقناع.
يكفيه من الحصاد اسهامه الفاعل في انجاز أول موسوعة علمية في عالمنا العربي..
يكفيه أيضاً نشره أبحاثا مبتكرة عن تأثر الطاقة الالكترونية حول النواة والغرم المغناطيسي الناتج عن حركة الالكترون حول محوره كسبق علمي يعتبر اضافة إلى المنتج العلمي العالمي.
في حياته عناوين.. زهد، كرم، رحمة، تواضع.. وفي داخل عقله الواعي شحنة هائلة من المرجع الانساني تثيره وتستثيره.. وهو يشهد عالماً مجنوناً يحصد الشعوب ويدمر الحضارات..
ويثير الفتن.. ويقتل الحلم.. رحل عن دنيانا وما زالت المرارة عالقة في حلقه داخل قبره إلى الأبد.
راحلنا الكبير الدكتور الراشد راشد المبارك إنه وجه حياة لا يغيب رغم رحيل جسده.. إنه ايقونة حية في حسابات الزمن تجسدها مقولة شاعرنا الراحل:
ليس من مات واستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء
له الدعوات بالرحمة.. ولأسرته طيب العزاء كما نحن.. وللوطن أيضاً لأنه رمز وطن..