د. محمد البشر
تقلد الملك سلمان قيادة المملكة لبدء مرحلة جديدة في الإدارة، مع الحفاظ على الثوابت ورأسها أن هذه البلاد قامت على أساس متين، وهو الإسلام، وهذه القاعدة هي التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، واي بلد في الدنيا لا يستند على قاعدة فإنه في الغالب يواجه كثيراً من المشكلات، فمثلاً الولايات المتحدة الأمريكية والغرب قام على أساس حرية الأسواق والديمقراطية على النهج الغربي، مع ما يعتريها من ثغرات بحكم كونها تشكل بمجملها من المنطق البشري، والاتحاد السوفيتي فيما مضى قام على قاعدة الشيوعية حتى وإن لم يتم تطبيقها على الطبقة الحاكمة، وكان المنهج الاشتراكي، وأن سعر السلعة يحددها تكاليفها وليس سعر السوق، أسلوباً معتمداً، ولذا فان الملكية الفردية كانت شبه معدومة، سوى لدى عدد من النافذين، والإسلام منهج إذا ما طبق تحققت فيه العدالة والملكية، والسوق الحرة المنضبطة، وغير ذلك من الأوجه الإدارية والأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها الفرد والمجتمع.
الملك سلمان بن عبدالعزيز يدرك أن هناك أوهاما أيضاً عشعشت في أذهان البعض، وأن هناك حقائق في الواقع وهي الركيزة التي تبنى عليها الاستراتيجيات وأساليب تنفيذها.
والملك سلمان يدرك أن الواقع يتطلب التعامل معها بواقعية وهدوء، ولذا فإنه ومن المنطلقات الثابتة للمملكة ستكون المعالجات مناسبة لما هو قائم في الواقع.
المملكة بلد الأمن، والرخاء، والعالم يتطلع إلى المملكة لثقلها السياسي والاقتصادي وموقعها الاستراتيجي، وتأثيرها الكبير على الأحداث في المنطقة وخارجها، ويكفي أن بها قبلة أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، يتطلع معظمهم الى مواقع المملكة للاستفادة منها.
كنت في جلسة مع مجموعة من السفراء، وإذا بأحد السفراء الغربيين يذكر أنه تحدث في لقاء مع القناة السعودية الناطقة باللغة الإنجليزية، وفوجئ بعدد من الرسائل الإلكترونية من دول الشرق، متفاعلين مع مقابلته، ولم يستغرب أن يتلقى بعض التواصل من الغرب، لكن أن يصله عدد غير قليل من الشرق، فهو مستغرب لديه، لكنه استدرك أن الكثير من المسلمين يتابعون إقامة الصلوات التي يتم نقلها مباشرة من الحرمين الشريفين، كما أنهم أيضاً يتابعون الكثير من البرامج الدينية، والفتاوى التي تصدر من رجال الدين، إضافة الى البرامج الأخرى التي يتم بثها عبر الفضائيات إلى سائر المعمورة، ولهذا كان ضبط الفتوى مهم جداً لأنه يتعدى حدود المملكة الى الدول الأخرى.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لديه علم غزير في التاريخ، وعاش دقائق الفتاوى، وناقش العلماء فيها عبر عقود من الزمن، ولهذا فهو يدرك أهميتها وتأثيرها على الآخرين، وخادم الحرمين الشريفين كثيراً ما يردد أن الإسلام دين الوسطية ويحرم التطرف والغلو.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تمعن في التاريخ المكتوب وخصوصاً في الجزيرة العربية، كما أن في ذهنه الكثير الكثير من التاريخ غير المدون الذي حدث في المملكة قبل توحيدها وبعد توحيدها، ويعرف أسماء الذين صنعوا ذلك التاريخ المدون وغير المدون، وينقد بعضه ويصححه، وربما لديه من كنوز المعرفة غير المدون مثل ذلك المدون.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يعلم أن التاريخ يسطر للمرء إنجازاته وطريقة تعامله، والتاريخ قد سجل له الكثر عبر مسيرته العلمية والعملية الطويلة.
حدث خلال الأسبوعين الماضيين كثيراً من المواقف، ولعلني أقف على ثلاثة منها، ومن تلك الزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة إلى المملكة، والذي ذكر فيها مآثر المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأكد على حنكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واستمرار المملكة بقيادة الملك سلمان في محاربة الإرهاب والتعاون مع المجتمع الدولي في ذلك.
والموقف الثاني، هو المحادثة الهاتفية من فخامة رئيس جمهورية مصر العربية، وتأكيد المملكة على موقفها الثابت من دعم مصر والشعب المصري، وهذا دأب المملكة عبر التاريخ، فدعمها مستمر لجميع الدول التي تحتاج إلى موقف معين في جميع انحاء العالم، ومصر دولة فاعلة في محيطها الإسلامي والعربي، ولهذا فإن موقف المملكة منها ثابت ومستمر. كما كان عبر العقود المتعاقبة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمة الله.
والموقف الثالث هو الموقف الذي أكد عليه سمو الشيخ محمد بن زايد في مؤتمر القمة الحكومية الثالث الذي عقد في دبي في التاسع من شهر فبراير، والذي ذكر فيها مواقف المملكة في عهد الملك عبدالله رحمة الله، كما أشاد بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.
هذه الومضات الثلاث تدل على أن العالم أجمع وقادة المنطقة بشكل خاص يؤكدون أن حكمة خادم الحرمين الشريفين ستكون حزاماً لأمن المنطقة، والعالم أجمع.
وفق الله خادم الحرمين الشريفين، وأمد في عمره، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.