الثقافة والإعلام ألصقا ببعض بأمر ملكي في منتصف العام 2003م تقريباً، أي قبل 18 سنة، وما زال الأمر نافذاً، وبغض النظر عن مبررات الدمج، إلا أن النتائج المتوخاة لم تحصل بالقدر الكافي، لم يستطع الوزيران السابقان للثقافة والإعلام: إياد مدني، ود. عبدالعزيز خوجة فك الدمج، ولا أعلم إن حاولا ذلك أم لا، المعروف أن الدمج مستمر حتى هذه اللحظة، وسط إجماع كبير على ضرورة فك الارتباط بينهما.
الثقافة والإعلام لم يولدا (ملتصقين) فطرياً، ولا علمياً، ولا أكاديمياً، حتى نستمر طوال هذه المدة بالتعامل معهما هكذا، ومبررات الأمس التي جمعتهما معاً، ليس بالضرورة أن تكون صالحة لهذا اليوم، لتغير الزمن والدولة والرجال.
إذا فصل الوزير الطريفي الثقافة والإعلام كما يفصل الوزير الربيعة التوأم السيامي، يكون قد اتخذ قراراً (جماهيرياً)، (ثقافياً) وستزداد شعبيته وسيكون الوزير الذي أتى بما لم تأتِ به الأوائل.
وإذا انتهى من ذلك، فإن لديه مهمة (فصل) آخر، هي (فصل) الثقافة عن الفنون، وإذا انتهى من هذا الفصل عليه أن (يفصل) ببراعة وقناعة وجرأة، الفنون عن الوزارة انطلاقاً من أن الفنون (ولدت لتكون مستقلة) وتضع الوزارة (نظاماً) شاملاً يسير أمورها على مستوى القوانين والأنظمة واللوائح.
وإذا انتهى من فصل (الفنون) عن الوزارة، عليه أن (يلصق) الفنون بالفعل الاقتصادي، باعتبارها صيغ مؤسساتية جديدة قائمة على (رأس المال) وليس على تكرار كيانات حكومية تعمل بأسلوب إداري تقليدي.
العالم تغير والإعلام الاجتماعي (الجماهيري) فاق الكيانات الثقافية الكبرى ومصيرها إلى التلاشي, وإن لم تفكر (الثقافة) بأسلوب العصر سيطمرها الزمن، وسيأتي رجال أولي فكر جديد، يقودون السوق إلى اتجاه آخر، وتبقى وزارة الثقافة المفصولة سيامياً (على اعتبار ما سيكون) في عداد الموتى.
الصراخ لم يعد كافياً, ولا الشكاوى، ولا التذمر، ولا المقارنات مع الدول المجاورة, منطقة الثقافة والفنون والأدب تعيش تخلفاً إدارياً واضحاً, وبليت بفكر (متكلس) لم تنفك منه لعقود، ومفاهيم الفصل والاستقلال والنظم والقوانين، مفاهيم بالنسبة لهم (خطيرة) لأنها تكسر امتيازاتهم وتحولها إلى منطقة (الإنتاج) بدلاً من (الاستحواذ).